23 ديسمبر، 2024 3:47 م

حسن البصام كان غافلا عن اللون الذي يريد

حسن البصام كان غافلا عن اللون الذي يريد

البحث عن اللون  قصص قصيره
صدر عن دار العارف للمطبوعات مجموعة قصصيه للقاص حسن البصام تتكون من اربع عشرة قصة قصيره . كانت تحكي احدات متقلبه من الزمن الرديء الذي عصف بالعراق وارهق انسانه وقتل طموحه وخيب اماله وكاد ان يقضي على بقية الرجاء والامل فيه سيما وعمليات التغيير المرجوه خيبت الامال هي الاخري . وكان المميز فيها هو جراة الطرح ، والتشويق كونها نقلا حيا لنوازع الانسا المحروم والذي اغرقه الحيف دون وازع من ضمير او رادع من اخلاق او اتعظ بدين  . وواضح جدا انه  منذ  ان وعى الإنسان ذاته، احتاج إلى الاتصال بغيره، من خلال سرد الاحداث وروايتها ، وأشرك غيره في معرفة ما جرى له ولغيره من بني جنسه.
ومنذ أن اكتشف قدراته على الابتكار الأدبي أنشأ القصة، وأبدع الحكايات، فنقل الوقائع، وحور فيها، واختلق الأحداث وأحكم نسجها، متفنناً في حوار الناس الذين صنعوها، واقعيين كانوا أم غير واقعيين. وقد تفاوت الناس في حذقهم لفن السرد وطرائق القص. ومن هنا كان لكل فرد سردياته، ونصيبها من النجاح أو الإخفاق، ومن الجذب أو الإملال، ومن الإيحاء أو المباشرة، ومن الإيجاز أو الإطناب. وربما كان القاصون الموهوبون هم أكثر الناس عناية وإتقاناً لفن السرد وسحر القص.
ولا ينكر احد ما للقصة من تاثير على الانسان ، طفلاً ويافعاً وكهلاً وشيخاً، فهي تستهوي الناس في كل الأعمار، وخاصة في عهد الطفولة، وذلك لما فيه من إيهام وإمتاع، ومن قدرة على تنشيط المخيلة، ومن طاقة على الإيحاء بفكرة، أو إيصال عبرة، أو تصوير حالة، ومن طبيعة في اختزال الزمن، والخلوص إلى نتيجة. والإمتاع اليوم، كما في الأمس، شرط أساسي من شروط القصة القصيرة، فهو القادر على امتلاك المتلقي، سامعاً كان أم قارئاً، وشده وجذبه كي لا يزوَّر عما بين يديه من كلام أو سطور، يتوخى منها أن تكون منسوجة نسجاً خاصاً يجعل منها جنساً أدبياً حائزاً جمالية أو أكثر، من جماليات الأدب عامة، والقصة خاصة.بالاضافة الى ان القصة القصيرة هي  فن قولي أو كتابي يقوم على حدث، ويتخلله وصف يطول أو يقصر، وقد يشوبه حوار أو لا يشوبه، ويبرز فيه شخصية أو أكثر، محورية أو ثانوية، تنهض بالحدث أو ينهض بها الحدث، والحدث له بيئة خاصة، وله سياق ثقافي واجتماعي وسياسي، لا مناص للكاتب من أن يعيه ويستوعب تفاصيله وآدابه وتقاليده. ويرمي ذلك كله إلى ترك انطباع واحد في نفس السامع أو القارئ، دونما تشتيت او تبعثر … ولهذا لا تتعدد الشخصيات في القصة القصيرة ولا الأزمنة ولا الأصوات،  والقاص البارع قد ينفذ إلى أدق التفاصيل فيما يعرضه أو يعرض إليه، بغية التنوير والنقد، أو الكشف عن المخبوء بلغة رامزة، مستهدفاً الإشادة أو الإنكار، والمدح أو القدح.  في سياق النصوص النثرية الحديثة تتنوّع الطرائق الأسلوبية تنوعاً ينسجم مع قواعد الأسلوب العربي القديم أحايين كثيرة، ويكتسب وقْع الحاضر في بعض مواقفه، وأرى أن حسن البصام  قد حاور الأسلوبين في إبداعه هذا، حيث مال إلى الجمل الاسمية في بداية قصصه  ثم أخذ التداور بينها وبين الفعلية في لب النصوص؛ فجذب بذلك المتلقي لمتابعة الموقف الذي يتبناه … (وجدت سعادتي تتجدد حين استيقظ كل يوم فارى نفسي مازلت حيا …)
في حين اتجهت النصوص إلى تكثيف اللغة لتعميق دلالات النصوص خاصة أن مجال القصة القصيرة لا يدع للمبدع مساحة نصية للمناورة بين النصوص وبين المعجم اللفظي؛ فبدتْ النّصوص مشدودة زادت في تعمية الدلالة لتبدو جمالا يتوارى خلف ضباب الكلمات: (…لم اصدق ما حصل لي انا الخجول الذي تكاد الارض تنهش عينيه من فرط الاطراق …. )
وثمة انسجام بين العنوانات المطروحة في بعض النصوص وبين نهاياتها، فقصة “المعلم ” خُتمت بـ “بالاعجاب بما قاله المعلم “، وقصة “خارطة الذئاب  (التي تفضح زمنا مرا عاشه العراقيون ) انسجمت كثيراً مع نهايتها؛ .. حتى في الاحلام تجثم على انفاسنا كوابيس لها انياب … وهكذا رايت القصص التاليه ، فقد استمتعت كثيراً بهذه الرؤى الإبداعية، وكان لها أثر في نفسي، بيد أن ثمة بعض الأمور لا بد للكاتب من أخذها على محمل الجد، وأولها القراءة المتعمّقة للمبدعين الكبار في هذا الفن – لزيادة رصانة الحبكه  وتنمية القدره . ولا شك انها مجموعة حري بنا ان نحتفي بها . والحمد لله رب العالمين .