23 ديسمبر، 2024 4:23 ص

حسب الضوابط والتعليمات

حسب الضوابط والتعليمات

هامش مختصر طالما يلوذ به مدير الدائرة عندما تقدم اليه معاملة او طلب فيحيلها الى الشعبة او القسم المختص في الدائرة مقرونا بالعبارة المتقدمة، وهذا امر طبيعي ولاغبار عليه ،فبالتأكيد ان الجهة المختصة لديها سياقات تعمل بموجبها ،لكن في كثير من الحالات تتحول العبارة المذكورة الى روتين يضاف الى حلقات روتينية لم تستطع الاصلاحات الادارية المتكررة ان تتجاوزها حتى هذه اللحظة .

من المفترض ان مدير اي دائرة وصل الى هذه الدرجة الوظيفية بعد تدرج وظيفي اكتسب من خلاله تجربة عملية وخبرة ودراية في مجال عمله تؤهله لتوجيه الامور وفق السياقات والضوابط ومن بين هذه الامور طلبات ومعاملات المواطنين الذين يراجعون الدائرة،وبطبيعة الحال فأن الخطوة الاولى هي هامش المدير الذي يفترض ان يحسم الامر منذ البداية بكون المعاملة او الطلب موافقا للضوابط من عدمه بدلا من تحويله الى حلقات تأخذ وقتا وجهدا بلا طائل ، خصوصا اذا عرفنا ان المدير أعرف من غيره من الموظفين بالسياقات والضوابط بحكم قدمه في الوظيفة وممارسته العملية لها. ولنا ان نتصور مقدار التأخير الذي يحصل في انجاز المعاملة او تلبية الطلب بسبب ضعف معلومات موظف

التحق حديثا الى الدائرة يضطر الى سؤال هذا الزميل او ذاك الموظف عن ضوابط معينة او سياقات مطلوب العمل بموجبها،وفي كثير من الحالات يتطلب الامر كتابة مطالعة او استيضاح من قبل الموظف الى المدير عن الاجراء المطلوب الذي يجب أن يتخذ منذ البداية،مما يضيف خطوة أضافية في طريق سير المعاملة مما يؤدي الى حصول تأخير يثير ضجر المراجع وتبرمه.

كم هو جميل أن يلقى المواطن ذلك الاهتمام المطلوب من الدائرة التي يقصدها ؟وكم هو رائع ان يتفانى الموظف من اجل انجاز المعاملة على اكمل وجه؟

هامش المدير له من الاهمية بمكان كونه يمثل البوابة الاولى لطلب المواطن ،ويجب ان لايجتاز هذا البوابة إلا من انطبقت عليه تلك الضوابط ،وبالتالي توفير جهدا ماكان يهدر لوتوفرت الكفاءة المطلوبة والشعور بمعاناة المواطن وهو يبذل من الجهد والمال من اجل انجاز المعاملة.

في أحيان كثيرة تحال المعاملة من قبل المدير مع عدم قناعته بانطباق الصيغ القانونية عليها بالهامش المذكور الى الموظف المعني في الدائرة تخلصا من بعض المراجعين الذين لايجدون غضاضة في التشبث بمختلف الوسائل لمحاولة تمرير المعاملة ولو كانت خارج الضوابط والسياقات،مما يجعل الموظف المختص في حرج بين الهامش المبهم لمديره وبين المواطن الماثل أمامه الذي يعتقد انه بذلك الهامش قد تجاوزعتبة المدير وحصل على موافقته على الطلب،لتبدأ معاناة الموظف في الشرح والتوضيح وتقليب الاوليات والرجوع الى اللوائح والتعليمات،ومااكثرحالات الجدل والمناقشة والأخذ والرد التي نشهدها بين الموظف

والمواطن عندما نراجع هذه الدائرة أو تلك المؤسسة بسبب عدم الوضوح في توجيه الطلب او المعاملة من قبل المدير منذ البداية كما قلنا.

هناك فرق بين احالة المعاملة بالهامش المذكور من قبل المدير وهو يعلم انها مستوفية للشروط القانونية وبين احالتها رغم مخالفتها للضوابط كإسقاط فرض او لنقل احالة المواجهة الكلامية وما يتبعها أحيانا من تبعات وتصرفات مع صاحب المعاملة الى احد الموظفين،هذه الظاهرة تشكل تدنيا في مستوى الاداء الوظيفي،وابتعادا عن صيغ التعامل السليم مع القوانين .

خلاصة مانريد ان نصل اليه،ان اغلب دوائرنا درجت على تداول هوامش روتينية كالهامش المتقدم ، والمطلوب ان يرافق هذه الهوامش دقة وتأني ومراعاة فعلية للضوابط والتعليمات شرط ان لاتتحول الى عائق يحول دون تلبية طلبات المواطنين ،بل ان الواجب يفرض على المدير والموظف البحث عن السبل المؤدية نحو تذليل العقبات من خلال التكييف القانوني الغير مخل بالمصلحة العامة ،الامر الذي ينعكس ايجابا على تقوية صلة المواطن وثقته بمؤسسات ودوائر الدولة مما له كبير الاثر في ارساء دعائم النظام الاجتماعي على اسس قوية ورصينة.

مع احترامنا وتقديرنا العالي لكوادرنا الادارية من مدراء وموظفين ولكل جهد يبذل في خدمة المواطن .والله الموفق