العرب في الجاهلية، كانوا يتشاءمون من شهر صفر من كل عام، لدرجة انهم يكادون يوقفون تجارتهم خشية الخسارة، يربطون كل ما يقع عليهم من مصائب بهذا الشهر
مع مجيء الإسلام، حاول الرسول الكريم بكل الوسائل افهام العرب بأن ليس للشهر علاقة بكل ذلك، انما هي ارزاق مقدرة لكل شخص فينا، لذلك أطلق علىه (صفر الخير).
بالرغم من مرور أكثر من 1400 عام على البعثة النبوية، ولا زال الكثير منا يعتقد بان شهر صفر نحس، ويمارس الكثير من الطقوس التي كان يمارسها العرب أيام الجاهلية، من اجل ابعاد الشر والاذى الذي قد يصيبه وعائلته في هذا الشهر.
في بلدنا العزيز، يبدوا ان النحس تغير من الأشهر القمرية الى الشمسية، فهذا شهر حزيران يتحول الى شهر أسود على العراقيين، لا يكاد يمر دون ان تحصل فيه كوارث، ولا يقبل ان يفارقنا دون ان نقدم له القرابين، واي قرابين؟ المئات من الشباب، وانهار من الدماء.
ربما يسأل البعض، وهل يوجد شهر او أسبوع بالعراق دون ان يقدم فيه الدماء؟ فما زلنا نذكر الجمعة الدامية، والأربعاء الدامي، الثلاثاء والاثنين وجميع أيام الأسبوع، فجميعها حدث بها قتل بالعشرات، ان لم يكن بالمئات، فخلف عشرات الأرامل والأيتام.
ما يميز أحداث شهر حزيران عن باقي الأيام الأخرى، أنها حدثت ليس من خلال ذكاء الإرهاب أو قوته، أنما زهقت الأرواح بسبب جهل المتصدي، واستخفافه بالدم العراقي.
أن حادثة سبايكر، لم يكن داعش قد خطط لها، أو وضعها في حساباته العسكرية، أنما قدم له على طبق من ذهب أكثر من (1700) شاب، من قبل حكومة وقادة عسكرين اقل ما يقال عنهم انهم خانوا الوطن، ودماء منتسبيهم، ليتم ذبحهم كما تذبح الأضاحي في العيد.
وما يختلف عن سبايكر الذي حدث قبل أيام في مدينة الصدر، انما سقطت الدور البالية على رؤوس ذويها، بسبب استهتار الأحزاب، وخوف واهمال الحكومة لوجود مخازن للأسلحة في حي مدني، وفي مكان وجد لعبادة الله، واخر لتعليم الأطفال حب الوطن.
ما يميز حوادث شهر حزيران أيضا، ان مسببيها بالرغم من الذي فعلوه، لم يحاسبوا لغاية الأن ولن يحاسبوا مستقبلاً، ومايزيد الامر غرابة انهم ما زالوا يمسكون بزمام الأمور في البلد، وينافسون بقوة على إدارة المرحلة القادمة.
ليس ذنب حزيران قطعا، فهو شهر موجود في جميع دول العالم، وضمن تقويمهم السنوي، وأن اختلفت المسميات، انما ذنب المتصديين، وذنب من يطرح بهم الثقة، وينتظر دوره للذبح، بعد ان ذبح أخاه.