23 ديسمبر، 2024 5:27 م

حزن ونزيف بغداد لا ينتهي !!

حزن ونزيف بغداد لا ينتهي !!

أصبحنا وليتنا لم نصبح وسنمسي وليتنا لن نمسي ، نومنا أصبح خليطاً من الكوابيس المفزعة ، خوف وترقب مما يحمله المجهول لنا وهنا لا نقصد أنفسنا فقط وإنما كل سكان بغداد والمحافظات العراقية الأخرى ، لكن تبقى بغداد هي الأكثر نزفاً للدماء الزكية وكثرة الأرامل والأيتام والجرحى والمعاقين والمعوزين ، أليست هي العاصمة وعليها أن تتحمل التجارب التي يسوقها الجالسون خلف المكاتب ممن منحوا أولادهم إجازات دائمة ليقضوها خارج البلاد أو في المحافظات الآمنة ؟ نعم هذا هو حال من يمتلكون حقوق إدارة الملف الأمني الذي بات مكشوفاً لجميع القتلة والتكفيريين ، الذين وجدوها فرصةً لهم ، بوجود أناس لا يفقهون بالتعامل معهم وكبح جماح تطلعاتهم لإيذاء العراقيين. كل يوم مجزرة أو الأصح مجازر تبدأ ولا تنتهي وبقي الفاعل مجهولاً ، رغم كل الإمكانيات التي يقال أنّها أصبحت بأيدي رجال الأمن الذين لم يقدروا على ادارة الذين بمعيتهم أولاً وليس الأمن الذي يحتاج إلى نوعيات من الرجال ليكونوا قادرين على ضبطه أو حتى حسمه. نسمع أن معظم الميزانية العراقية تذهب باتجاه الأمن والدفاع ورواتب الدرجات الخاصة من وزراء وبرلمانيين ومن هم أعلى منهم مرتبة ولا ننسى أطقم الحماية التي أصبح هؤلاء يتفننون في توفيرها لكي تحميهم وتتحوّل في أغلب الأحيان إلى مصدّات تستقبل ما ينتج عن إطلاق النار أو التفجير هذا إن تم استهداف الشخصيات المذكورة ، لكن لا يبقى سوى المواطن البسيط المسحوق من فئة القابعين في الشوارع لالتقاط ما يدره عليهم الرزق الحلال تحت أشعة الشمس الحارقة التي لم يعد يشعر بها (المسؤول) الذي من واجبه حفظ الأمن أو مراعاة شؤون رعيّته. الفقير هو المستهدف رقم واحد ، لأن كل الخطط الأمنية التي تم وضعها من خلال (المكاتب) المبرّدة ، لم تحقق شيئاً ، كون المسؤول يدير عمليات الأمن من مكتبه وكان حرياً به أن يتواجد في الشارع مع من كلفهم بحفظ الأمن من الذين كادوا ينتفضون قبل مدة وجيزة على ما يعانون منه ، لأنّهم قد فاض بهم الكيل وهم يسمعون عن كبر أعداد المنظومة الأمنية وعند التحقق من الأمر ، تنكشف أشياء تؤكد أن هناك أموراً معيبة تحدث في الكثير من المؤسسات الأمنية التي أصبح المسؤول في بعضها منتفخاً من سيل الرواتب التي يتلقاها عن أشخاص (فضائيين) نسمع بهم ولا نراهم وكامل مخصصاتهم تذهب إلى الرجل الكبير في المركز أو الوحدة أو ما هو أعلى منهم رتبة بكثير. هل يعلم أحد عن معاناة رجال الجيش والشرطة الذين يجوبون أو يقفون لساعات طوال في الشوارع أو نقاط السيطرة ؟ نشك بذلك ، لأننا نعلم أن حالة التذمّر قد وصلت حدّها عند هؤلاء الذين جاءوا إلى المؤسسات الأمنية من أجل العيش وليس حب (المسلك) ، لغرض الابتعاد عن شبح البطالة ، لكنهم صدموا حين دخلوه أن كل شيء ألقي على عاتقهم من حيث ساعات العمل والوقوف بالواجب وهذا قطعاً يؤثّر على التركيز ، لتكون النتائج وخيمة على المواطن الذي لا يعلم اليوم أين يعطي وجهه وتكون وجهته ، لأنّه ومع خروجه من داره ، أصبح يؤدي الشهادتين ، لأنّه يعرف أن خروجه هذا ربما يكون الأخير  وأنه سيترك عائلة أو أكثر لتتقاذفها الأقدار في لعبةٍ تتكرر كل يوم أو الأحرى كل ساعة. الموت لا يحصد سوى أرواح الأبرياء من المعدمين وكأنّ هناك اتفاقية تم توقيعها ، جعلت ممن جلساء المكاتب في منأى عن الذي يحصل ولهؤلاء نقول ، كونوا مع شعبكم واكسروا الحواجز التي قمتم بصناعتها ، فتحوّلت إلى سواتر تمنع تواجدكم قرب من كان عليكم أن تخدموه ، لكي يشعر على الأقل أنّكم معه في محنته وبذات الوقت سيكون لتواجدكم الدائم في الشارع العراقي أهمية لا تقل شأناً عن الذي ذكرناه وهي رفع الحالة المعنوية عند جنودكم أو أفراد شرطتكم أو حتى أجهزتكم الاستخباراتية التي نسمع عنها أنّها موجودة ولكننا لم نر لها فعلاً على الأرض ،  كون فيضان الدماء يتعالى وآن لنا أن نجد من يوقفه وينقذنا من القادم الذي هو بعلم المجهول. بغداد اصبري ، فهذا قدرك ولعنة الله على من لم يقدر أن يحميك. رحم الله شهداء العراق في الأيام الدامية التي لم نعد قادرين على عدّها وسيأتي اليوم الذي سنجد من يوقف النزيف قبل أن ينتهي الدم ويجف وهو قد صبغ شوارعنا وأحياءنا !.