23 ديسمبر، 2024 5:41 ص

قد يكون الشعب العراقي من اكثر شعوب العالم على علاقة وثيقة بالحزن ،هذا لا يعني انه ينظر الى الحياة بسوداوية ، بل على عكس ان تفاؤل يؤطر اغلب افعال العراقي حتى في اشد الازمات وطئة ،فروح الفكاهة والمرح كأنها معجونة بدمه . ولكن العراقي يجد في الحزن متنفسا وملاذا في فهم ما يدور من حوله من حوادث. العلاقة بين مكونات العالم قد تحتاج الى فهم عميق يمكن من خلاله ايجاد الراحة النفسية في العيش في حياة تغلب عليها تقلبات المشاعر والامزجة تهلب مكنونات الداخلية . العراقي ينظر الى الحزن على انه خلاص من الدرن بطريقة روحانية تناغم وتزرع فيه الامل .لذا اصبح الحزن سبيلا يستطيع من خلاله تميز الظواهر الدينوية والاخروية .هذا التناغم انعكس على شخصية عراقي في سلوكها، فراح الحزن يتسلل الى كل مفاصلها واحيانا يحاول ان يعيد نفسه بطريقة اخرى .حتى الذي هرب من هذا الواقع الى اقصاء العالم الاخرى حمل معه حزنه العراقي كي يعيش معه ، يحاكيه ، ويقاسمه غربته وخبزه ومعاشه .

اذا الهروب لم يجد نفعا مع هوية عمرها الاف السنين .متجذرة ومتأصلة في وجدانه. ثنائية العراقي وحزنه السرمدي لايمكن فصلها عن بعضها بعضا ، لان الحزن يريد ان ينام في احضان توفر له مكاسب حسية ، والعراقي هو الاخر وجد في صديقه الحزن تميزه عن بقية شعوب الله . الحزن فرس جموح لم يستطع غير العراقي ترويضها وامتطائها، ربما تكون المهارة التاريخية ، العشق الكربلائي جعلت العراقي يجد العلاقة بينه وبين الحزن من صعب للاخرين ان يفمها. وهل وجد العراقي ضالته فيما لم يفهم

الاخرون ؟ اي مؤهلات بشرية ميزته عن غيره حتى يحمل هذا العبء الثقيل . قد يكون الماضي التاريخي بكل شجونه من العوامل المهمة في بلورة الاستعدادات الفطرية العراقية في تقبل الحزن على انه حال وخصوصية يفتخر بها الانسان العراقي لدرجة قد تصل الى القداسة حتى يخيل لبعضهم ان الارض بلاد الرافدين هي من اغرت الحزن الى المجيء اليها لما تحمله من عوامل مشتركة ساهمت في ايجاد ظاهرة عمرها من تاريخ سومر واكد مرورا بكربلاء الحسين حتى يومنا هذا .