23 ديسمبر، 2024 1:46 ص

قد لانختلف على ان العرب ظاهرة صوتية ، فهم لايجيدون الا المفاخرة والتعظيم والتهويل ، يقطع الصحراء اشهرا لايلاقي بها اثرا لبشر وقبيلته كلها والقبائل المجاورة لها يمكن تحميلهم جميعا بسفينة اصغر من التايتنك ، لكنه لايكتفي بالقول ملأنا البر حتى ضاق عنا ، بل يردف ، وظهر البحر نملؤه سفينا ، ولا اعلم باي مكان يقع مصنع انتاج السفن هذا ما دام البر قد ضاق بصناديد بن كلثوم  ؟!  
القصد ان العرب بجعجعتهم الفارغة واجهوا اسرائيل وكان لهم منها ما كان ، وقد اختاروا ان يشنوا حربا على حزب الله باستخدام نفس السلاح ، الجعجعة ، وفشل هذا السلاح امام اسرائيل لايعني بالضرورة فشله مع حزب الله لانه جزء من النسيج العربي ، وان شذ عن قاعدة الظاهرة الصوتية ، واستهدافه لايندرج ضمن مواجهة مسلحة على الحدود كما اسرائيل ، لان العرب تخلوا تماما عن اساليب المواجهة المباشرة والمبارزة بشرف وفروسية منذ معركة بدر لانها كانت موجعة لاجدادهم واستبدلوها بالسيارات المفخخة ، بل يندرج ضمن الفتنة التي تحاول جهات عدة وعن قصد اشعالها في المنطقة ، فما العيب في حزب الله ليكون عرضة لسهام العرب ؟ وما الجريرة التي ارتكبها ليلاقي كل هذا السباب والتشنيع ؟
 مشكلة اسرائيل مع حزب الله تكمن في انها تحارب اشباح لاتعرف لهم مكانا تضربه ولاتعرف من اين تتلقى الضربات ، واسرائيل البارعة في كل شيء تدرك ان الحرب الحديثة تقوم على المعلومات والاتصالات وهي امام خيارين لمواجهة هذا العدو ، بضعة عملاء يمكنهم كشف اماكن تواجد الصواريخ ومخازن السلاح وكل المعلومات المطلوبة ، وقد جربت في كل حروبها مع العرب ان تجند من تريد من اعلى قائد على هرم العسكر والسلطة الى ادنى مراسل لامر حظيرة ، لكنها لم تفلح في ذلك مع حزب الله ، فلم يتبقى سوى التنصت على الاتصالات علها تزودهم ببعض المعلومات ولم تفلح هذه ايضا لانها اصطدمت بشبكة اتصالات شديدة السرية و فشلت كل محاولات اختراقها ،
حكومة السنيورة ( فجأة وبالصدفة ! ) وبعد سنوات طويلة من انشاء شبكة الاتصالات هذه ادركت انها غير شرعية وغير قانونية واصدرت قرارا بملاحقة كل الافراد والشركات والاحزاب المتورطين بانشاء هذه الشبكة ، حاول حزب الله وحركة امل والتيار الحر اقناع الحكومة بالعدول عن هذا القرار كونه يشكل ضررا على المقاومة ومخالف للبيان الوزاري  ويقدم خدمة لاسرائيل وليس به فائدة للبنان ،لكن ذلك لم يجدي نفعا ، الذي اجدى هو نزول حزب الله في ٧ ايار ، ساعتان كانت كافية لقرصة اذن صغيرة تراجعت على اثرها الحكومة عن القرار
هذه هي الجريرة الذي اذا واجهت اي معارض لحزب الله سيواجهك بها ولن يقتنع بأي مبرر ، لانه سوف يعجز تماما عن ايجاد اي نقص او عيب او مثلبة صدرت من حزب الله منذ تأسيسه ، فهذا الحزب ( الديني ) ، ليس كغيره ، لم يفرض رؤيته الدينية ولا حاول نشر مذهبه ولم يتدخل بالمظاهر الاجتماعية حوله ولم يعترض على زي او عري ولم يطالب باغلاق ملهى ولا بار ولم يحاول فرض الحجاب ولم يأخذ الاتاوات ، لم يخطف او يقتل ولم يفزع ولم يروع احد ، الا قادة اسرائيل ، هذا الحزب ( السياسي ) زهد بالمناصب والوزارات وحين شارك في الحكومة لم يتهم بفساد او طائفية او احتكار ، وقف مواقف مشرفة مع القضايا العربية وتعامل مع الاحداث بحكمة  ، وقف ضد حرب العراق وتمتع بنظرة ابعد من نظرنا نحن الذين لمناه على موقفه ، هذا الحزب ( العسكري ) بني على عقيدة مقاومة اسرائيل ، لم يطلب شيئا من احد لامال ولاسلاح ولا رجال ، لم يطلب دعما او نصرة  ، كل ما اراده ان يترك وشأنه ، يواجه اسرائيل ،  يستعيد ارضه ويحرر الاسرى ويستعيد الجثامين  ويلحق العار باسرائيل ، وقد فعل فما الذي يزعج العرب ؟
كعادة العرب ومهارتهم في الخلط وعدم خجلهم من التمسك بالنتيجة التي يرغموك للحصول عليها ويغفلون الاسباب ، اعتبروا ان نزع سلاح حزب الله بات ضرورة بعد ٧ ايار كونه توجه نحو اللبنانيين واغفلوا كم كانوا يطالبون بهذا قبل ذلك اليوم ( يوم لم يكن لهذه الحجة وجود ) ولايعتبرون قرارهم بعدم شرعية شبكة الاتصالات انما هو قرار حرب ومحاولة لنزع سلاح الحزب ، وبذات الانفصام والخبل والوقاحة يعيدون تكراره بجر حزب الله للتدخل في الشأن السوري ، اصبحت لحزب الله جريمة ثانية فقد تدخل في سوريا ، يخطفون الزوار اللبنانيين الشيعة ويقصفون القرى الشيعية القريبة من الحدود ويستهدفون المراقد والمزارات ويقصفون مناطق داخل لبنان وينقلون السلاح والمقاتلين من لبنان الى سوريا وتتدخل السعودية وقطر وتركيا والاردن وامريكا وبتسوانا وهاييتي وجزر الواق واق وتنقل الاموال والاجساد العفنة من كل بؤر الارض الموبؤة بالتكفير الى سوريا  ولاجريمة في كل ذلك ، الجريمة الوحيدة هي تدخل حزب الله !، يمكن تفهم ذلك ان صدر من سويسرا مثلا لان لا اشارة على تدخل لها بالامر لكن ان يصدر من بلدان غارقة حتى هاماتها بالتدخل في سوريا فذلك امر لم اعد اعلم هل يدعو للضحك ام للبكاء .
حتى تكتمل الصورة يجب التطرق لعيب حزب الله ومشكلته الحقيقية ، كما اظن ، وهي عقيدته التي بني عليها ، مقاومة اسرائيل ، صحيح ان الحزب يتعامل مع اسرائيل بما يخص الشأن اللبناني والاراضي اللبنانية وهذا حق له لاستعادة اراضيه لكنه لايخفي نيته بالذهاب ابعد من ذلك وهو تحرير فلسطين ، فحزب الله الجهة الوحيدة ذات الوزن والاهمية التي لم تعترف حتى الان بكل الخرائط والمشاريع والمبادرات والتصورات لحل القضية الفلسطينية ، كان الاولى بحزب الله ان يجنب نفسه كل هذا الاستهداف من العرب بتخليه عن الامر وترك القضية لاصحابها ، لاننا يجب ان ننزع من عقولنا وهم وحدة الاسلام والمسلمين ، وان نحاول اعدة النظر بالمتبنيات الدينية وان نعترف بحق اليهود بالعيش ونفصلهم عن الصهيونية ، وان لانغفل وجودهم التاريخي على هذه الارض ، ماعدا ذلك العيب لن تجد في حزب الله الا الوضوح والصراحة والشجاعة والنبل والصدق ، وهذا مايختلف به عن العرب ، وهذا مادعا العدو لاحترامه وتقدير قوته وشجاعته ، دع كل حكام العرب يهددون ويتوعدون اسرائيل لكنها لن تصدق او تحسب حسابا الا لحزب الله .