المرشح الوحيد من حوزتنا هو جناب الشيخ محمد اليعقوبي , هكذا قال الشهيد الصدر في لقاء مسجل بالصوت في جامعة الصدر الدينية وكان هذا التسجيل هو بمثابة شهادة ودليل وحجة دائما يستشهد بها اتباع الشيخ اليعقوبي بأحقيتهم في ميراث الشهيد الصدر الفكري قُبال اتباع الجهات الاخرى المنتيمة او القريبة من المدرسة الصدرية وهم كثيرون ( السيد الحائري ,,اتباع السيد مقتدى الصدر ,الصرخي , الطائي, …الخ ) لا أحد ينكر دور الشيخ اليعقوبي بعد رحيل الشهيد الصدر فهو من قام بالصلاة عليه والتصدي للعمل والتوجيه الاجتماعي الاخلاقي حيث صدرت له في حينها جملة من الكتب التي كانت تصل الى طلبة الجامعات بسرية تامة وكان فيها تحدي كبير لتوجهات قناة الشباب التابعة لعدي صدام حسين انذاك ,بعد سقوط النظام البعثي الحديدي في عام 2003 حصلت تغييرات كبيرة جدا في الساحة العراقية وبوقت قياسي , حيث انبرى عدد كبير من القيادات السياسية والدينية وكثُر اللاعبون بالساحة اضافة الى اللاعبين من الخارج (مخابرات ومصالح الدول المجاورة ) كان الجميع يراهن على التركة الثقيلة للشهيد الصدر الثاني وتتسابق الاجندات من اجل احتواء هذا التيار الكبير وتوجيهه بما يخدم مصالح القوى الجديدة في الساحة العراقية , او على الاقل تفتيته في حال عدم مطاوعته لاجندات القوى الموالية للدول الاقليمية والمجاورة , خاصة وانه تيار عراقي خالص حيث اغلب ابناءه عاشوا ايام المحنة وسنوات الحصار سويةً في البلد وتجرعوا من ذات الكأس المر ولازالوا حديثوا عهد برحيل الشهيد الصدر انذاك, الرجل الذي وقف معهم بمحنتهم في زمن قلّ فيه الناصر والناصح , كانت اول طعنة لتفتيت التيار هي الزعامة , فقد أعلن الشيخ محمد اليعقوبي اجتهاده وهذا ما اغاض اتباع التيار الصدري وخاصة اتباع السيد مقتدى الصدر ومُقرّبيه وفي ذلك الوقت لم تتبلور التبعية للسيد مقتدى الصدر كما هي اليوم بل كان الصدريون يتبعونه باعتباره وكيل السيد الحائري , حيث ان السيد الحائري هو الاعلم كما يقول السيد الصدر , لكن الذي حصل لاحقا ان القيادة انتقلت من فكرة وكيل السيد الحائري الى مفهوم جديد وهو القائد وابن المرجع كما تناولنا هذا الموضوع في مقال مفصل بعنوان (الطاعة كما يراها السيد مقتدى الصدر ) والمنشور في موقع كتابات بتاريخ 12/8/2016 ,كان المتضرر الاول من هذا الاعلان هم اتباع السيد الحائري والسيد مقتدى الصدر وكان على ما يبدو ان الضرر والخوف اسبابه لا تنحصر في زعامة الجمهور فقط , بل هناك سبب لم اشاهد أحد يلتفت اليه رغم انه مهم جدا وهو سبب مادي يتعلق ب(الخمس) حيث ان الفتوى التي صدرت من الحائري بعدم اجتهاد اليعقوبي تتعلق بعدم جواز نقل الحقوق المالية (الخمس) الى الشيخ اليعقوبي باعتباره غير مجتهد ,لا استبعد ان تكون فتوى الحائري سياسية وقد تم توجيهها بدون ادراك من السيد الحائري (وهذه طبيعة عمل الاجندات والاستخبارات) وهي طعنة مباشرة لشق التيار الصدري كمقدمة اولى وبعدها سحب الوكالة من السيد مقتدى الصدر كما فعل الحائري لاحقا , لكن هذه الخطة لم تكن مدروسة جيدا , اذ ان الصدريين والعراقيين لا يعبأوون كثيراً بالمرجع الاعلم الواجب الاتباع بقدر اهتمامهم وعشقهم للرموز التي تتناغم مع عواطفهم , وتكون بالقرب منهم ولو جغرافياً !, أعتقد انني اطلت جدا في المقدمة لكنها اشبه بسرد تاريخي متدرج وتذكير في نفس الوقت لحقبة مهمة من الصراع الذي فتّت التيار الصدري وبالتالي جعل الوافدين من الخارج هم المتصدرين للمشهد السياسي والمتحكمين بكافة مفاصله حتى كتابة هذه الحروف والى أمدٍ غير معلوم , الشيخ اليعقوبي وقع بفخ القوى الكبرى واجندتها الداخلية من خلال تأسيس حزب سياسي للمشاركة في
السلطة , كان للشيخ اليعقوبي وجهة نظر تبدو صحيحة في بداية الامر لان المشاركة في السلطة لم تكن غاية بل كانت وسيلة لكن ما هي آلية المشاركة ؟ هل الافضل دعم العملية السياسية دون تبنّي حزب معين كما فعل السيد السستاني, أم تشكيل حزب سياسي اصبح فيما بعد شريك وشاهد على الفساد دون ان يكون له موقف واضح من المحاصصة يناسب حجم رؤية مرجعية الشيخ اليعقوبي في بيانات المرحلة, ان تشكيل حزب سياسي تابع للمرجعية ستنحسب كل اخطائه لاحقاً عليها وبالتالي ينحسر جمهورها ولا تتحقق المصلحة المرجوّة من تأسيسه , ففي بداية مشاركة الحزب الاولى في الانتخابات استمعت لكلام للشيخ اليعقوبي يذكر فيه ان حزب الفضيلة رغم انه تاسّس منذ اشهر الا انه حصد مقاعد كبيرة في الكثير من المحافظات وتصدّر مقاعد محافظة البصرة , المحافظة المهمة وشريان اقتصاد العراق ليكون محافظها من حزب الفضيلة , وكان الشيخ يتحدّث بغبطة وثقة بان الناس اختارت هذا الحزب الفتي لكن غاب عن ذهن الشيخ اليعقوبي ان هذا الحزب سيكون مقبرة مرجعية الشيخ لاحقاً وسيكون السبب الرئيسي في انحسار جمهورها !, في اخر انتخابات لمجالس المحافظات لم يكن للفضيلة في البصرة الا مقعدين او ثلاثة مقاعد من اصل 35 مقعد , كما ان مقاعدهم في البرلمان هي الاخرى انحسرت تماما وتكاد تتلاشى في الانتخابات المقبلة اذا تم تعديل القانون بما يضمن تقليل العدد الى النصف , ابتلعت المرجعية طعم المشاركة في السلطة بطريقة (تأسيس حزب) وبالتالي خسرت جزء كبير من جمهورها , خاصة وان حزب الفضيلة تولّى قيادة محافظة البصرة وغرق في نفطها واحترق بهِ الى حد لم تنفع معه كل محاولات الترميم والعلاج فيما بعد , كان يمكن ان يكون للشيخ اليعقوبي دور مهم ومؤثّر في العراق لو لم يتبنى حزب سياسي يشارك سياسيو الخارج في المغنم ولايشارك الشعب في المغرم , وعلى مرأى ومسمع من الشيخ اليعقوبي يشارك هذا الحزب في المحاصصة ويوقّع على وثيقة ادامتها وحمايتها رغم ان هناك بيانات ولقاءات للشيخ اليعقوبي يتحدث فيها بحديث مغاير تماماً لموقف الحزب , لكن لا اعلم لماذا لا يفك ارتباطه رسمياً والى الابد !
للاخوان المسلمين عمر سياسي ونضالي وفكر كبير يمتد لما يقارب المائة عام منذ تأسيس حسن البنا لهذهِ الجماعة في عام 1928 , لكن سقطت جماعة الاخوان سقوط مروّع بعد ان استلمت الحكم وخلال سنة واحدة ! دون ان تنفعها كل التنظيرات والارث والارشيف الضخم من حسن البنا وسيد قطب ومفكرو الاخوان , وكذلك سقطت الاحزاب الاسلامية في فخ تجربة السلطة وبذلك نجح الامريكان باسقاط الاسلام السياسي في مصر اولاً ,وبعدها العراق و دول اخرى في قائمة الانتظار .