حينما بعث السيد السيستاني (دام ظله), برسالة سرية إلى أعضاء حزب الدعوة, طالباَ منهم تنحية المالكي, لكونه السبب المحوري في بلاء العراق, انطلقت دعوة من المالكي لفصل الدين عن السياسة, وعدم تدخل المراجع في عمله, والبقاء ضمن دائرة كل مرجع بمقلديه دينيا فقط, وترك الخبز لخابزته, متناسيا أنهم (حزب الدعوة), من أوائل من ربط بين الدين والسياسة في عصرنا الراهن, بتأسيسهم لحزب سياسي إسلامي, ومنهج الإسلام السياسي.
الصراع بين القومية الممثلة بجمال عبد الناصر, والقطرية الممثلة بعبد الكريم قاسم, ألقى بظلاله على حقبة تأسيس حزب الدعوة الإسلامية, فكره القطرية للقومية, وانطلاقا من مبدأ عدو عدوي هو صديقي, دفع بعبد الكريم قاسم, إلى دعم الإخوان المسلمين في مصر؛ ونشر كتبهم الدينية والفكرية في العراق والنجف, بسبب عداوتهم مع نظام عبد الناصر, لذلك كان هناك تأثر كبير بالفكر الأخوانِ, من قبل مؤسسي حزب الدعوة.
المرجع الأعلى سيد الطائفة السيد محسن الحكيم رضوانه تعالى عليه,الرافض لدخول المرجعية بتفاصيل العمل السياسي, مكتفيا بالتوجيه العام وإرشاد الأمة دينيا وسياسيا, ولفكرة إقحام الحوزة العلمية في السياسة, أو تشكيل حزب من داخلها, دفع مؤسس حزب الدعوة الأول عبد الصاحب دخيل, إلى التوجه نحو مرجعيات دينية سياسية من خارج الحوزة والنجف, وهم حسن ألبنا والسيد محمد قطب, (الأخوانيين) الحائزين على إعجابه مسبقا.
الابتعاد عن مراجع الشيعة نحو الإخوان, أدى إلى كتابة القانون الداخلي لحزب الدعوة, من وراء ظهر السيد محمد باقر الصدر رضوانه تعالى عليه, وبالتالي انسحابه تماما من الحزب, وأيضا لعدم انتماء الحوزويين لهذا الحزب, وجهه إلى ضم النخب الفكرية من أصحاب الشهادات, الذين اعتقدوا بأنهم أعلى من أن يتبعوا كلام مرجعية دينية.
بعد سقوط الصنم في 2003, ومرور فترة الحاكم المدني ومجلس الحكم وإياد علاوي, جاءت حقبة رئاسة الوزراء لحزب الدعوة برئاسة إبراهيم الجعفري, الذي تعنت كثيرا, وتزمت برأيه ولم ينصت إلى مرجعياتنا الدينية, فساهم ذلك في توجيه البلد نحو الأسوأ, وبالجعفري إلى خارج رئاسة الوزراء ورئاسة حزب الدعوة, وخارج الحزب تماما.
ثمان سنين أخرى لحزب الدعوة في سدة الحكم, لم تزد الطين إلا بله, انتهت بكارثة كبيرة, أدت إلى فقدان كثير من أراضي العراق لصالح داعش, وميزانية مفلسة وطائفية مستعرة, واقتصاد منهار, ورئيس وزراء يحتفظ برسالة التغيير في جيبه, ويقول أن المرجع أصر أن يوصلني إلى الباب, ليثبت للعالم بأنه يحبه, وبأنه لن يخلص من لسانهم, كما هو حال المرجعية.
الشارع العراقي والشيعي, اليوم نحو التفاف متزايد حول المرجعية الدينية في النجف, فلذلك فان الفرصة مناسبة اليوم لحزب الدعوة, للتصالح مع الشارع الشيعي والعراقي, وخصوصا بعد نجاح عملية التغيير, واستقبال
المرجعية لرئيس الوزراء الجديد, بخطوتين هما؛ أولا: التخلص من الفاسدين في حزب الدعوة, وثانيا: بالالتزام الدقيق بتوصيات المرجعية.