فشل حزب الدعوة كقائد سياسي في أدارة العراق داخليا وخارجيا, ويكون قد نجح في مرحلة تأريخية ما من مسيرته الدعوتية كحزب ديني ,عندما تحول الداعي الى قائد, ولكنه عرض العراق والعراقيين خلال سبع سنوات الى حالات من الفوضى السياسية والاقتصادية والتأكل الاجتماعي والهيجان الشعبي, وخلق ألازمات لتبرير مواقف خاطئة ومتعمدة في بعضها ,ونشر ثقافة الفساد المرعبة بكل تفاصيلها وأدواتها , وشكل فرقا للدفاع وحماية الفاسدين والمفسدين طيلة ولايتين, ونشر ثقافة الدكاكين المغلقة والتصريحات المتشنجة والاستعلائية على الاخرين ومهنة التسقيط حفاظا على السلطة ,خلافا لما لحزب الدعوة من أيديولوجية سلوكية وطروحات تربوية في ستينيات القرن الماضي تستحق الاهتمام والتقدير, ولكن, هذه السلوكيات التربوية ظلت رؤى نظرية غير قابلة للعمل ,لكون أن الحزب لم يكن بأستطاعته خلال المرحلة الماضية من الظهور علنا , وأن أغلب مؤسسيه كانوا اما في أيران أوسوريا أولبنان, خشية من نظام صدام حسين الذي أعدم الكثيرين منهم, وجعل أغلب عناصره ومؤيديه طيورا مهاجرة في بقاع الارض,ألا أن حزب الدعوة تمكن من استلام السلطة في العراق لمرتين بفضل الولايات المتحدة التي أسقطت نظام صدام حسين في 2003 , واستطاع في بداية الامر, أن يكون ندا قويا لاحزاب دينية أيضا ولها تأريخ مشابه لحزب الدعوة ,ونجح في أخذ زمام القيادة , عندما خاض مع أحزاب علمانية وأخرى دينية معتدلة أنتخابات تشريعية شابت صناديق الاقتراع الكثير من علامات الاستفهام حول نزاهتها, وذلك في عامي 2006 وأذار 2010 ,ألا أنه أثبت, ومن خلال وجوده كحزب يقود البلد , عدم أمتلاكه لمقومات القيادة بالرغم من مساندة أيران وأمريكا لقادة الحزب, في تجاوز الكثير من العقبات التي واجهت مسيرته, وأعتماده كليا على نصائح المرجعية لكونه حزبا دينيا, يعتمد في سلوكياته وتصرفاته على مرجع أعلى للمشورة , وصعود بعض الوجوه التي ليس لها تواجدا دعواتيا وتأريخا نضاليا, وأبعاد العناصر التي كان لها الفضل المباشر في أنجاح الحزب على المستوى الشعبي ,كما أنه خلق حالات من الرعب والتمييز والاقصاء ليس مع أعدائه فحسب, بل حتى مع أقرب حلفائه..
واللافت للنظر, ان من يقود الحزب اليوم ,قد أوقع نفسه وحزبه ,في وهم القيادة واحراز تقدما في مسيرته كحزب سلطة, وبرزت له أشكاليات فكرية وسياسية أرتبطت بأداء حزب الدعوة بعد أستلام السلطة, ورابطة هذا الاداء بالفكر التربوي والروحي والتنظيمي ,وهي تقاطعات خطيرة بين السلوك من جهة, ونظرية وفلسفة الحزب ووجوده من جهة أخرى, أضافة الى اثارة جو محموم من المنافسة التسقيطية مع الاحزاب والكتل العراقية الاخرى المشاركة في العملية السياسية في العراق, والتي تعارض بشكل أو بأخر, الممارسات السلبية التي يضطلع بها حزب الدعوة كقائد , أضافة الى أن ممن أنشق عن الحزب أو ممن خرج على نظريته, ودخلوا في عداء مع قيادات الحزب ,ساهمت أيضا في رفع منسوب التقاطعات وتراكم الضبابية, وأثارة التساؤلات عن مدى جدوى حزب الدعوة في مواصلة مسيرته السياسية.
وعلى ما يبدو أن الولايات المتحدة بحاجة الى شريك قوي, ولا يهمها أن كان حزبا دينيا أو علمانيا, في أدارة العراق, لايجاد صيغ ورؤى مشتركة لتوحيد الخطاب الوطني, بين الحزب القائد, والمشاركين معه في العملية السياسية, وأنهاء الصراع المحموم.. وعلى ما يبدو أيضا, أن التخبط الحاصل وغياب المنهجية والاصلاح في أدارة العراق من قبل حزب الدعوة, سارع في أنهاء التعاطف الذي كان لدى الحزب في 2006, بمعنى, أن الحزب كانت له شعبية وقاعدة عريضة من المثقفين والوطنيين, الا أنها اليوم في تراجع , شأنها شأن أحزاب الربيع العربي, التي جاءت الى الحكم بقوة, ولكنها بعد فترة من الشهور, أتجهت الى الغنائم وأيجاد الكراسي الملائمة لهم, وتركت الشعب في واد من الهيجان.
الفشل, حالة جيدة بالنسبة الى الاحزاب المؤثرة في المجتمع, والتي تمتلك مقومات التعبئة والمواصلة, وبأمكانها تصحيح تلك الممارسسات السلبية, ولكن الاصرار على الفشل وأتباع الطرق العشوائية في الممارسات الغير اللائقة, هي من تنهي الحزب, وتجعله في خبر كان, وهذا ما يحصل اليوم عند حزب الدعوة..وعلى سبيل المثال, غلق المنافذ البرية عبر الاردن وسوريا,الاعتقالات العشوائية وزج الاف الابرياء بالسجون والبطالة الممنهجة وثقافة العداء وتكميم الافواه لطائفة السنة تحديدا, هي شئ من الفوضى, وتبرير غير مقنع , وخلافا لطروحات حزب الدعوة ابان معارضته لحكومة صدام ,لانك في هذه الحالة خلقت جوا متشنجا وعدائية غير مسبوقة بينك كسلطة وبين الشعب الذي بأستطاعته أن ينهي وجودك, لان الشعب مصدر السلطات ومكفول بالدستور الذي كتبته!!
والسؤال الموجه الى حزب الدعوة اليوم, هل بأستطاعة الحزب,وبعيدا عن الانفعالات, أن يخطو خطوة خطوة لتصحيح المسار الغوغائي وتغيير النهج العدائي لطوائف الشعب وعدم تهميشها أولا, وأيجاد حلقات مشتركة بين الحزب والمتحالفين معه ثانيا ,أو أن تبقي الاصرار في التقاطعات والكيل بمكيالين مع الجميع,لان الشعب في حاجة الى قائد يرى الشعب ويراه, في قائد يرى وينشد الاصلاح وتعديل الاعوجاج الذي أصاب العراق في مقتل, وتأكد أن خذلت شعبك, فالشعب سيخذلك.
وما خفي كان أعظم