حزب الدعوة قبل ٢٠٠٣ حزب اشرف على تأسيسه آية الله الشهيد المفكر محمد باقر الصدر (قدس) ،حزب فيه عائلة بيت آلوس (١٨ فردا اعدموا جميعهم )، حزب الشهداء الابرار وحزب السجناء القابعين في السجون الذين تمثلوا بعمار بن ياسر وزقوا التضحية زقا ، حزب الطامحين لدولة الانسان حزب كان يحلم بدولة عادلة تنثر العدل وتزيل الفقر وتشيع الاسلام دينا، لكن السؤال العريض هل حقق الحزب اهدافه التي ناضل واستشهد وسجن لاجلها بعد عام٢٠٠٣ ؟
بالبدء نعود لما قاله رئيس الوزراء الاسبق ابراهيم الجعفري الذي كان يشغل منصب القيادي الاول في الحزب قبل استحداث منصب الامانة العامة للحزب مساء يوم ٣١ايار ٢٠٠٥ في اول خطاب له جملته المعروفة” الان يمكن تحقيق العدل الانساني”، كانت السعادة تشقشق من وجوه قيادة الحزب البارزة لتطبيق المادة ١٣ من نظام الداخلي للحوب التي تنص” المسؤولية ليست منحة تعطى للداعية وانما تكليف يتحمله الداعية بالجهود الفردية والعمل الجماعي”.
كان كرسي رئاسة الوزراء محطة الطريق الصعبة للإصلاح العملية السياسية ومعالجة عيوبها التأسيسية ومحو ذنوب بريمير الذي رسخ المحاصصة الطائفية .
ارتكب الحزب اثما كبيرا عندما زج بقياداته البازرة والمعروفة في مفاصل العمل التنفيذي الحكومي ولم يمنح اهمية للعمل الحزبي ومراقبة المنتمين إليه وباتت السلطة لبعض تلك القيادات غاية لا وسيلة لتحقيق المصلحة العامة يتعارض ذلك تماما مع ماقاله رئيس الوزراء السابق وامينه العام نوري المالكي في المؤتمر العام للحزب في ١٩ مارس ٢٠١٣ إن ” حزب الدعوة من الاحزاب التغييرية ولديه إصلاح الامة اهم من السلطة ولم يكن يهدف إلى استلام السلطة والحكم في نظره وسيلة إصلاح لاغاية وهو يقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة”.
قد يكون ذلك صحيحا على الورق والشعارات الانتخابية لكن الحزب لم يلامس الواقع طيلة سنوات جلوسه على كرسي رئاسة الوزراء لانه لم يمض في تأسيس عميق لدولة المؤسسات بل ركز على بناء المؤسسات على اساس الولاء الحزبي ولم يهتم كثيرا للجملة الشهيرة ” الرجل المناسب في المكان المناسب”.
استصعب على حزب بعد انخرطت غالبية قياداته في الماكنة التنفيذية الحكومية ان يعيد النظر بكيفية تعامله مع السلطة كوسيلة تطابق رؤيته التنظيرية التي تنص في نظامه الداخلي على :
١_تنفيذ رعاية شؤون الأمة وتطبيق احكام الرعاية.
٢-ان تكون الرعاية نفسها متفقة مع الاسلام
يهتم حزب الدعوة ان يكون الداعية والذي يعرفونه انه :كل مسلم يقوم بمهمة الدعوة الى الله مستندا على ماجاء في القران وسير النبي محمد والائمة المعصومين فضلا عن العقل والاجماع أن يراعي مصالح المسلمين عموما وهو هدف سام لايناله الا ذو حظ عظيم لكن التجربة كانت قاسية في هجرة بعض قيادات الحزب النافذة وحتى الوسطية منها للنظام الداخلي الذي يتألف من عشرة فصول ب١٥٥مادة كتبت بطريقة تعبر عن مستوى عال للعمل الحزبي والتنظيمي تفتقده غالبية الاحزاب الحالية.
يؤخذ على الحزب ايضا ان قياد ذكورية صرفة اختفاء او خفي عنها العنصر النسوي فجميع اعضاء مجلس الحل او مجلس الشورى هم من السياسيين الذكور لكنه يتميز بانه حزبا تنظيميا لا وراثيا او يحاكي اسلوب ولاية العهد والاخلافة بالتنصيب والقيادة فيه خيطية وكذلك يتميز بقسم رائع يردده المنتمون الجدد ينص على (أقسم بالله العلي العظيم أعمل للاسلام مخلصا له حريصا على مصلحته مطيعا لأوامر حزب الدعوة مادمت فيه كاتما للاسرار)
ويبدو من القسم ان كتم الاسرار من اولويات المهمة والرئيسة التي يتبناها الحزب، لكن المفارقة اللطيفة أن بعض قيادات الحزب الحالية لاتعرف طعما لكتم الاسرار وتشيع الخفايا السياسية في كل زمان ومكان.
وكثير من الدعاة المنشقين او المنسحبين يهمسون عتبا على ضعف إدارة بعض القياديين البارزين الذين يتصدرون مواقع مهم في الدولة ، إدارة لم تكن بالمستوى المطلوب ولا المقنع مقارنة بالشعارات والكتب التي ألفها قياديو الحزب عن الاصلاح والزهد بالسلطة.
ويبقى هاجس الخوف يلوح في صفحات الافق على أن يتحول حزب الدعوة إلى جناحين، جناح يهوى المالكي وآخر يهوى العبادي ويعشقه يرافق ذلك توسع لدولة القانون مستغلة ابواب الحزب الكونكريتية التي لاتنفتح امام عامة الكفاءات والشخصيات البارزة يدعم ذلك استمرار تصدي بعض المصلحيين والمنفعيين زمام القرار وتشويه صورة الدعوة عبر إدارات سيئة ليس في عمق تخطيطي او رؤية عامة تشتغل على الانفعالات والتعصب ، والخوف الاكبر من ذلك ان يبقى الحزب يعيش ذاكرة الماضي بقلب عجوز حتى تأخذه الغفلة فيصبح من الاحزاب المركونة على المنصة السياسية في حال انزلق كرسي رئيس الوزراء من قياداته ، المهم الاهم أن دنيا هارون زائلة ودنيا ابا ذر افضل الطرق واقصرها الى الانسان ودولته …اليس كذلك؟!.