23 ديسمبر، 2024 5:06 ص

حزبُ الدَّعوَة الإسلاميَّة القائِد

حزبُ الدَّعوَة الإسلاميَّة القائِد

لم تكُنْ، في دمشقَ، «الغريبَ» الذي يــتساءلُ أو يُســألُ.

النارُ كانت تأجَّجُ في الموقدِ. الخـبزُ ينضَجُ. واللـبَنُ الحُرُّ لا يتخثّرُ إلّا على شفتَيكَ. الموائدُ تمتدُّ من «بابِ توما» غادةُ تمضي بـقُـطْنِ الفراشِ إلى أن يطيرَ، مع الفجرِ.

سَلامٌ على شَجرٍ في شَوارعِكِ الجّانبيّةِ، وأهلِ الفلافلِ والخبزِ… ألفُ سَلامٍ: دِمَشق!.

لكنّ يومَكِ، يا دِمَشقُ، أشَقُّ من يومِ القيامةِ. بُداةٌ يحملون نِياقَهم في الطّائراتِ أتَوا ليستلِبوكِ… جار الزَّمانُ وأهداني الأذى جاري

ولم يَعُدْ بــَرَدى تنويمةَ السّـاري… والوحْلُ صارَ بديلَ السَّلْسَلِ الجاري

ما كان وجهُ دِمَشقَ العابسَ الضّاري (سعدي يوسف، ابن قضاء أبي الخصيب).

وبحيرى الرّاهِب ابن «بُصرى» الشّام المقصوفة مِن الجَّو كما قُصِفت اُختها بُندُقيَّة العرب ضرع الخير«بصرَة» اُمّ العِراق، قصر ابن البصرَة أوَّل وزير داخليَّة عِراقيّ “ طالب النقيب ”، على ضِفة شَطء العرب في قرية السّبيليّات في أبي الخصيب، مبنيً تأريخيّ تُراثيّ بطرازه المعماري الفريد مِن حيث المساحة، ودرجات السُّلَّم مِن مَدخله إلى الطّابق الثاني على الطّراز الإيطالي القديم، كان مركزاً للقيادَة مِن أواخر العهد العثماني إلى بداية العهد الملكي.. تضرَّرَ جرّاء قصفه خلال حرب الخليج الأُولى، ودُكّت سقوفه. مجلس مُحافظة البصرَة شارك برنامج الأُمَم المُتحدة للمُستوطنات البشريَّة UN HABITAT في صياغة مُسودة قانون حفظ المباني التُراثيَّة والتاريخيَّة، ضمنها قصر طالب النقيب وبيوت الشناشيل التراثيَّة.

دوما Tomahawk Douma

مُحافظة «دومة الجَّندل» في شِبه جزيرَة العرب كان اسمها الجُّوف، ذكرها “ ياقوت الحموي ” في معجم البلدان بأنها سُمّيت بذلك نسبة إلى حصنٍ بناهُ «دوماء بن إسماعيل». أيا إسماعيلَ عيلَ صَبري!.. والجَّندل: الحِجارَة، مُفردُها: جَندَلَة. وكان يُضرب المَثل بمناعةِ حصن دُومة وشدَّته، كمِنعةِ جبهة مُمانعة الرّياض السَّعوديَّة ومُؤتمَر قِمتها الـ29 المُنعَقِد الآن. شَبَهٌ بينَ دومة شِبه الجَّزيرَة ودوما الشّام، كشَبه سيرَة الرُّوائيّ “ غابرييل غارسيا ماركيز ” في سيرته الذاتيَّة «عشتُ لأروي»، وسيرَة “ أغوتا كريستوف ” (1935- 2011م)، أشهر كاتبة لاجئة، في أُورُبا، غادرَت المَجر (في العِراق أيضاً اسم المَجر)، مثلما يُغادر لاجئون عرب أقطارهم، بسبب الاستبداد، بعد أن وقع وَطَنها تحت احتلال الامبرياليَّة السُّوفييتيَّة عام 1956م، وكما كان مُتوقعاً، كسب اليمين المُتطرف الانتخابات في المجر، بعدَ مُراهنتِه في الأشهر الماضية، على «عداء اللّاجئين» العرب، وتحويل صورتهم إلى كابوس في عقول مُناصريه.

هكذا، سيُواصل، في الأسابيع المُقبلة المُتزامِنة مع الانتخابات العِراقيَّة، نصب الأسلاك الشّائِكة، على الحدود مع صربيا، مع كاميرات حراريَّة ومُروحيّات مُراقبة، لمَنع وصولهم، والأسوأ مِن ذلك التصويت على قانون منع نشاط جمعيّات الدّفاع عن اللّاجئين. والرُّوائي المصري “ خيري شلبي ” في الشَّبه بين الطُّفولة في مصر العربيَّة والطُّفولة في أميركا اللّاتينيَّة.

يتساءل “ خيري شلبي ”: «هل كان (ماركيز) يكتب قصَّة حياته أم قصة حياتي؟ الشَّقاء الإنساني في قرية على شاطئ الكاريبي أم في قرية مصرية على فرع مِن فروع النيل الأسمراني»؟!.

الصُّحفُ السُّوريَّة منتصف شهر مولد البعث نيسان في دِمَشق التي تحتضن ريف غوطتها الشَّرقيَّة ورابضتها دوما الشهيرَة بزراعة عناقيد العِنب الدُّوماني، قبل هطول زخات القنابل العُنقوديَّة Cluster munition مِن سَماء الشّام المُكفهرَّة على جمرايا والسّفيرة وبرزة والرّحيبة والكسوَة، وقد وقع بالفعل انفجار في قاعدَة جَبل عزان في ريف حلب الجَّنوبيّ.

صحيفة “ الثورَة ” السُّوريَّة الأحد 15-4-2018 – رقم العدد 16662: سقطت في قعر الفشل والهزيمة، بعد أن اعتلى حكامها رأس الشجرة، ليرتطموا على صخرة الصمود السورية، ويتحول التصدي لعدوانهم الغاشم مع بزوغ الفجر، إلى شمس انتصار جديد، يعانق انتصارات السوريين على المستعمر الفرنسي في مثل هذا الشهر قبل 72 عاماً.‏ المشهد بعد العدوان الثلاثي اليوم، بات أكثر وضوحاً، لجهة الانخراط المباشر للأصلاء في الحرب الإرهابية التي تشن على سورية منذ أكثر من سبع سنوات، بعد أن فشل الوكلاء من التنظيمات الإرهابية في تحقيق أجندات الغرب الاستعماري، وليثبت حكام دول ذاك الغرب أنهم مجرد مرتزقة في سوق النخاسة الدولية، يرتهنون كلهم لمال النفط الخليجي، ويحولون جيوشهم إلى قتلة مأجورين في خدمة رأس الإرهاب الوهابي، ومن يدور في فلكه الإجرامي من المحميات الأميركية في الخليج، فابن سلمان وتميم لم ينتهيا بعد من جولاتهما على عواصم الغرب، وما زالا يدسان مئات المليارات في جيوب ترامب وماكرون وتيرزا ماي وغيرهم، لقاء خدماتهم بشن عدوان على الشعب السوري، الذي رد كيدهم في نحورهم، وأوقعهم في شرك الهزيمة والعار.‏

وصحيفة “ الوَطَن ” السُّوريَّة: وعلى حين أكدت الأنباء أن الطائرات المعتدية على سورية انطلقت من «قاعدة العيديد» القطرية، رحبت قطر ومعها السعودية والبحرين وعدد آخر من الدول العربية بالعدوان، لترد الخارجية السورية بالتعبير عن «اشمئزاز سورية من الموقف المخزي لحكام مشيخة قطر، بدعم عدوان الثالوث الغربي الاستعماري، والسماح بإطلاق حمم العدوان الحاقد من قاعدة العيديد الأميركية في قطر»، كما اعتبر مصدر بوزارة الخارجية والمغتربين أن موقف حكام آل سعود من العدوان الثلاثي على سورية يأتي «في إطار الدور التاريخي للنظام الوهابي في أن يكون أداة لأعداء الأمة في شق الصف وبث روح الهزيمة وتسويق نهج الاستسلام والتطبيع المجاني مع العدو الصهيوني»، أما البحرين التي أيدت العدوان أيضاً فاعتبرت الخارجية السورية أنها «لا تستحق الرد فلديها مشاكلها الداخلية التي يندى لها الجبين».

حزبُ الدَّعوَة الإسلاميَّة القائِد، جاهدَ ضدَّ «حزب البعث العميل» الوافد بقِطار أميركي في 8 شباط 1963م ورَفضَ احتلال العِراق بعد حِلم صبر 40 عام، عام 2003م، ثمَّ نفذ أمينهُ العام نوري المالكيّ العائِد مِن الشّام، حُكم الإعدام بدقّ عُنق العميل الآبق صدّام شَنقاً، ثمَّ أرادَ رَفع دعوى إلى مجلس الأمن الدّولي ضدَّ الشّام الوافد مِنه الإرهاب إلى العِراق وبذات الرُّوح الوَطنيَّة العِراقيَّة المُتأصّلة أصرَّ على جلاء الاحتِلال الَّذي أسقطَ طَبيب الباطنيَّة إبراهيم الجَّعفريّ مِن رئاسة الحكومة العِراقيَّة ورئاسة حزب الدَّعوَة الإسلاميَّة القائِد، في آنٍ معاً.

في 14 . 04 . 2018م وزارة الخارجيَّة العِراقية برئاسة طَبيب الباطنيَّة الجَّعفريّ، أعربت عن موقف بغداد مِن الضَّربة الأميركيَّة لسوريا الشّام. وقالَ المُتحدّث الرَّسمي باسم الوزارة «أحمد محجوب» في بيان صدر عنها: ان الحكومة العِراقيَّة تعرب “عن قلقها مِن الضَّربة الجَّويَّة التي قامت بها الولايات المُتحدة الأميركيَّة وبعض حُلفاءها على الجّارة سوريا، وتعتبر هذا التصرّف أمراً خطيراً جدَّاً لما له مِن تداعيات على المُواطنين الأبرياء”. وشدَّدَت الخارجيَّة على “ ضرورَة الحلّ السّياسي الذي يُلبي تطلعات الشَّعب السُّوري”، مُبيّنة انَّ “عملاً كهذا مِن شأنه ان يجرّ المِنطقة إلى تداعياتٍ خطيرَة تهدِّد أمنها واستقرارها وتمنح الاٍرهاب فرصة جديدَة للتمدّد بعد ان تمَّ دحره في العِراق وتراجعَ كثيراً في سوريا”. وجدَّدَت الخارجيَّة العِراقية “ دعوتها للقمَّة العربيَّة باتخاذ موقف واضح تجاه هذا التطوّر الخطير”.

هكذا عالَجَ طَبيب الباطنيَّة الجَّعفريّ، الموقف وجعلَ طَبيب الباطنيَّة «هِشام العلويّ»، سفيرَه إلى حيث محكمة العدل في لاهاي وحيث طَبيب الباطنيَّة العلويّ مواليد واسط عام 1964م، لاهٍ عن رفاق غُربة الأمس، ولا فخر ولا غرو لِمَن تخرَّجَ ناعِمَاً في ظِل نظام حزب البعث، لم يذُق مَرارَة الغُربة.
https://kitabat.com/2018/04/15/في-الذِكرى-71-الشُّؤم-لتأسيس-حزب-البعث-ف/