19 ديسمبر، 2024 3:53 ص

 (حزام كاشية ) لعبد علي الخليفة اضافة جديدة لفن الكتابة الساخرة

 (حزام كاشية ) لعبد علي الخليفة اضافة جديدة لفن الكتابة الساخرة

صدر مؤخرا عن دار الضياء للطباعة وضمن منشورات مجلة ( الشرارة ) كتاب ضم عددا من المقالات الساخرة التي عرف بها قلم الكاتب الخليفة منذ كتابه الاول ( وخزات بالإبر العراقية ) مرورا بمحاولته الثانية ( هتافات مبحوحة ) . والواقع ان الكتابة الساخرة وجدت طريقها لعالمنا العربي لتزدهر في مصر على ايدي مجموعة من الكتاب الساخرين من امثال احمد رجب ، جلال عامر وآخرين ولجوا عالم الصحافة من اوسع ابوابها لإيصال مايريدون من افكار عن طريق السخرية المشوبة بقدر كبير من المرارة . وساعد دخول ( النت ) على ظهور أسماء الكترونية ساخرة مثل شلش العراقي ووجيه عباس و حامد الحمراني آخرين فالكتابة الساخرة انما هي ( سلاح الروح العظيمة لقهر المتاعب ) على حد قول احد المعنيين بهذا الصنف من الكتابات. بيد ان الكتابة الساخرة تشبه عصا موسى في تعدد أغراضها ، ففي مقدمة كتاب ( حزام كاشية ) نلتقي بوجهة نظر الكاتب الخليفة الذي يراها ( وسيلة تعبير قد يضعف ارتباطها او تنفلت في احيان كثيرة عن الأساليب والتقاليد الأدبية واشتراطاتها نظرا لتواجدها وبقوة مع جنس النقد في خاصيتي التحليل والتوجيه ) . وأسلوب الخليفة يتمحور حول بضع آليات تتمثل( باللدغ السريع الجاذب للانتباه والنظر والفكر والسمع) وفي الوقت نفسه يدرك تمام الإدراك مخاطر التطرف في فن مقروء على نطاق جماهيري واسع ما يدعوه لتبني اسلوب يعتمد على التمازج بين اكثر من عنصر فهو يقول في المقدمة (ازعم بلا تفاخر ان هذا التمازج وتوظيف الموروث في السخرية الهادفة جاء بردود افعال ايجابية ) قد استشفها الكاتب من خلال وجهات النظر والتساؤلات المستمرة .

ويضم كتاب الخليفة الأخير مواقف فكرية عالجها باسلوبه الساخر تمس حياة الناس وهمومهم وهواجسهم مستعينا بالموروث واللهجة العامية اذا تطلب الامر ذلك : انظر مقالته الساخرة ( الملفات الموعودة والدولمة وما بينهما !) ومقالات اخرى يزخر بها الكتاب كتبت بعين ناقدة ساخرة في حين ممرورة في حين آخر غاضبة او مقهقهة في احيان اخرى .

تستعرض مقالات الكتاب هموم بسطاء الناس والمغلوبين على امرهم من المتقاعدين والحالمين والموعودين من الرموز التي انتخبوها و(ابطال ) الفساد الاداري وسياسيو المحاصصة مرورا بحزام تلك المرأة الفقيرة المدعوة ( كاشية ) واوجه المقارنة بين حزامها المتهرئ واحزمة التابعين لمنتسبي الخط الاول من السياسيين والاداريين (فالكل منهم محزم سواء الواقف او القاعد وحتى المنسدح !) .

وعلى الرغم من ان الفن الساخر لم يتبلور في وقت مبكر في العراق قياسا بتجربة مصر ، الا انه وجد ارضا صالحة للاستزراع مع تفاقم المحن العراقية من حروب ونزاعات وحصار ومع ما حدث ويحدث من نهب لخيرات بلد معطاء يرقد ابناؤه شبه عراة على اديم تضم مكامنه كميات غير قابلة للنفاد من البترول !

(حزام كاشية ) اضافة جديدة لفن الكتابة الساخرة يحمل في طياته وتفاصيله رسائل واخزة موجعة مضحكة مبكية في آن معا .

أحدث المقالات

أحدث المقالات