في احدى قصائده الجميلة يقول احمد مطر :” قال لزوجته :اسكتي ،وقال لابنه :انكتم ، صوتكما يجعلني مشوش التفكير ..لاتنبسا بكلمة ..اريد ان اكتب عن حرية التعبير “…هذه الحرية التي تصورنا اننا حظينا بها بعد سنوات الدكتاتورية وتكميم الافواه فاكتشفنا ان من يمارسها يصبح مشبوها وموضع اتهام اذا كان يهدد وجود الكبار ، اويتم استغلالها بطريقة مشوهة لدعم جهة ما ودون ان يعلم المواطن المسكين الذي يمارسها بذلك ، فهو حين يتظاهر بمبادرة ذاتية ورغبة صادقة في التغيير فمصيره قد يكون النقل التعسفي اوالاعتقال او القتل كما حدث مع موظفي احدى الدوائر الثقافية الذين وجدوا انفسهم منقولين تعسفيا الى دوائر بعيدة عن منازلهم لأنهم تظاهروا امام الدائرة ، او تلك المدرسة في معهد الفنون الجميلة للفتيات التي شاركت في تظاهرة مع العديد من التدريسيين والطلبة احتجاجا
على قرارات صادرة من وزارة التربية تقضي بفصل دراسة الطلبة الذكور عن الاناث وعدم السماح بتدريس الاساتذة من المدرسين للطالبات وكذلك المدرسات من تدريس الطلبة فوجدت نفسها معاقبة بانذار وبالفصل مستقبلا لو تكررت مشاركتها في التظاهرات ، وهناك من كان مصيرهم القتل مع سبق الاصرار والترصد وقيدت قضاياهم ضد مجهول كما حدث مع الناشط هادي المهدي، اواختفوا في ظروف غامضة بعد اختطافهم كالناشط جلال الشحماني ، وهناك اخيرا وليس آخرا من القي به في السجون والمعتقلات بتهمة التظاهر رغم ان الديمقراطية التي وفدت الى العراق الجديد تدعو الى حرية التظاهر والتعبير عن الرأي ودستورها الذي وضعه القادمون معها ينص على حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي في المادة (38) منه ، كما حدث في تظاهرات ساحة التحرير عام 2011… واليوم تتكرر افعال (الديمقراطيين) مع متظاهري محافظة بابل الذين تعرض عدد منهم للاعتداء ثم الاعتقال على ايدي قوات حكومية ثم اطلق سراحهم بعد ثلاثة ايام مقابل كفالة قدرها مليوني دينار ..
من المعروف ان حق التظاهر الذي كفله الدستور العراقي يمنع اية جهة امنية من محاسبة المتظاهرين او منعهم من التعبير عن رأيهم فكيف اذا كان تظاهرهم ضد الفساد والمفسدين ؟ هل يعني ذلك ان القوات الحكومية تؤيد الفساد ام ترتهن بامر المفسدين ؟…واذا كانت كذلك فكيف يمكن للبلد ان ينهض من أزمته وحكومته تغوص في الفساد وابناؤه ينقسمون الى فريقين ..فريق يعاني ويسلك كل الطرق لانهاء معاناته فيواصل الاحتجاج والرفض ولاتنطلي عليه الاعيب رجال السياسة وفريق يصدق الشعارات التي يرفعها بعضهم ويسير وراءها ليكتشف في النهاية انه طعم يصطاد به المسؤولون مناصبهم الحكومية وحصتهم في الكعكة العراقية ..
قديما قال فولتير : انني اختلف معك في كل كلمة تقولها لكنني سأدافع حتى الموت عن حقك في أن تقول ماتريد ..متى يفهم شعبنا انه يجب ان يدافع حتى الموت من اجل حقه في الحياة ..حياته وحياة الآخرين وليس حياة المسؤولين الذين اثبتوا بعدهم عن مقدرات الشعب وقربهم من مصالحم الخاصة ..متى يفهم ابناء القوات الحكومية انهم من الشعب ومعاناتهم واحدة ووجعهم يوحدهم معه فيرفضون قمع من يقول كلمته منهم وتتوحد كلمتهم