أختار مجلس وزراء الاعلام العرب بغداد عاصمة للاعلام العربي لعام 2018 في اجتماع له منتصف العام الماضي عرفانا وأعترافا بالنصر المؤزر الذي حققه العراق في معركته المفصلية مع جيش دولة الخرافة وطرده من الاراضي التي سيطر عليها في غفلة من الزمن.
فما الذي يعنيه تتويج بغداد عاصمة للإعلام العربي ؟. وهل يعني ذلك عودة العرب الى بغداد عبر نافذة الاعلام هذه المرة ؟.
المعروف إن الاعلام العربي لم يكن متجانسا ولا موفقا في التعاطي مع الحرب ضد عصابات داعش، كان العاملون في قطاع الاعلام في عدد من الدول العربية يختلفون فيما بينهم في طريقة التعامل مع داعش وفكره التكفيري ففي الوقت الذي وظف فيه اعلام هذه الدولة وتلك من دول الخليج للترويج وتبني بيانات وافلام داعش ودعايته كان الاعلام في بعض الدول العربية يقف مترنحا بين الحقيقة والتزوير، فيما وظفت أجهزة الاستخبارات في الدول التي صنعت “داعش” عشرات الشركات المتخصصة في صناعة “الميديا” لأنتاج ودعم جرائم هذه العصابات.
وليس سرا القول أن الاعلام العربي الرسمي والخاص في عديد من الدول العربية والاوربية كان متورطا في التمهيد لظهور عصابات داعش وفكرها الظلامي بدراية أو بدونها فالامر سيان والنتيجة واحدة هي إنطلاق ساعة الصفر بزحف هذه العصابات الى مدن الموصل وصلاح الدين والرمادي لتستكمل ابتلاع ثلث مساحة العراق والاعلان الرسمي عن قيام حدود دولية جديدة في المنطقة ولا نخطأ القول إن كاكة مسعود البارزاني كان أول المتحدثين عن هذه الحدود.
كانت سنوات سقيمة وقاسية منذ حزيران 2014 ولغاية الاعلان الرسمي عن النصر المؤزر على دولة الخرافة ورفع راية الله أكبر على آخر بقعة محررة من دنس داعش في التاسع من كانون الاول 2017، خلال هذه السنوات أستبسل الاعلاميون العراقيون وتوحدوا مع أنفسهم ومع العراق بجيشه وقواته المقاتلة من كل الصنوف وخاضوا معركتهم الاعلامية جنبا الى جنب مع المقاتل العراقي وهو يتقدم الصفوف حاملا روحه هدية للوطن، وبرغم شراسة المعارك الا أن الجميع، من كان واقفا على السواتر الامامية أم أولئك المتحمسون للالتحاق بهم في الجبهات الخلفية الذين كانوا يواصلون الليل والنهار لتقديم الدعم باشكاله المختلفة للجبهات الامامية سجلوا بأسم العراق ملحمة تاريخية تكتب حروفها بمداد من الذهب الخالص.
من هنا نستنتج إن العراق إنتزع التتويج ولم يمنح له هبة أو منة، ومن حقه أن يتوج بكل التيجان التي تحمل في غير موضعها في دول تهاونت وتمادت وتآمرت على العراق وهو مركز الثقل في الميزان العربي والدولي، يكفينا مزايدات وركض وراء السراب، المطلوب صحوة عربية وتعاون وتنسيق اقتصادي عربي واسع، وفتح صفحة جديدة من العمل العربي المشترك ووقف الحملات الاعلامية العدائية بين الدول العربية.
ومع مرارة الماضي لكننا لابد أن نقول شكرا للجامعة العربية ولمجلس وزراء الاعلام العرب لأنهم قد يكفرون عن بعض ذنوبهم بقرارهم هذا الذي يحمل الاعلام العراقي مسؤولية المحافظة على تماسكه ووحدته في اية قضية عنوانها العراق.