في لقاء جمعني به في نادي العلوية الاجتماعي يوم الاحد السادس من شهر مايس الماضي سألته عن أخبار الدراما العراقية التي توقفت تماما بعد سيطرة داعش على ثلثي الاراضي العراقية فرد على سؤالي بتهكم: “ننتج حاليا مسلسلا من ثلثمائة وستة وستين حلقة” حينها كان يجلس معنا الفنان محسن فرحان والسيدة بشرى سميسم، أبتسم الجميع، نظرت الى عينيه مباشرة ضحك هو أيضا وقال: ماذا تريد أن أقول غير ماسمعت، نحن عطالة بطالة ننتظر رحمة الله.
الفنان سامي قفطان عرفناه ذا رباطة جأش متمكن مسيطر على دوره في المسرح، يتحكم بموجة صوته علوا وانخفاضا، ومن يعرفونه عن قرب لم يسمعوه يشكي من العوز والافلاس كما هو في تلك الليلة، كأنه يريد أن يوصل رسالة مفادها ياحكومة ياناس التفتوا الى الفنان العراقي، تلك سورية التي مازالت تعاني من ويلات الحرب أنتجت ثلاثين مسلسلا العام الماضي فما بال دائرة السينما والمسرح والقطاع الخاص، ما سر إبتعادهما عن الاستثمار في إنتاج المسلسلات في الاقل بعد أن أصبحت دور السينما في خبر كان، تتمتع باجازة طويلة.
تساؤل منطقي من فنان كبير يعرف مالذي يعنيه، وانا أتساءل معه هل البيئة العراقية طاردة للفن، وهل المواطن العراقي لا يمتلك ذائقة فنية ؟. من المؤكد لا ، إذن اين تكمن العلة، وعلى من تقع المسؤولية ؟. الموضوع ليس بالسهولة التي يتوقعها البعض إنما هو أكبر بكثير وربما يحتاج الى ورشة متخصصة تضم من هم في دائرة القرار والمسؤولية تجمعهم تحت سقف واحد ليتدارسوا الاسباب ويقدموا الحلول الواقعية.
ماذا يعني عندما يشهر فنان بمستوى سامي قفطان أفلاسه علنا أمام نخبة من الفنانين والمثقفين والاطباء والمهندسين ؟. لا اعتقد أن أحدا يختلف معي حين أقول أن بناء الانسان الجديد يبدأ من المسرح والسينما، الذاكرة تحتفظ دائما بمقولة وليام شكسبيرالشهيرة: أعطني مسرحا وخبزا أعطيك شعبا عظيما، ذلك يعني أن إهمال الفنون ومنها المسرح والسينما بشكل خاص هو أحد الاسباب الرئيسة في تخلف المجتمع وانحطاطه، لذا أقول إذا كانت الحكومة جادة في اعادة بناء العراق واصلاح ما دمرته الحروب، والانسان العراقي تحديدا ينبغي أن تضع في حساباتها في هذه المرحلة والمراحل المقبلة تخصيص ميزانية معقولة لإعادة الروح الى المسرح والسينما وسائر الفنون لأنها مجتمعة تسهم في عملية البناء والاصلاح التي تبدأ من الأنسان.
يومها كنت أحد المحتفى بهم مع رئيس تحرير المجلة الاستاذ شامل عبد القادر لنيل درع الابداع المقدم من الهيئة الادارية لنادي العلوية الاجتماعي ممثلة برئيسها الدكتور فارس احمد الدوري، لكن صيحة الفنان سامي قفطان أخذتني بعيدا عن أجواء الحفل وكنت أتساءل مع نفسي مرة ومرات الى أين نحن سائرون بالعراق وهل حقا ستنتبه الجهات المعنية الى خطورة إفراغ العراق من مبدعيه وكبار الفنانين فيه وما يعنيه ذلك الان وفي المستقبل؟.