23 ديسمبر، 2024 4:47 ص

حروف بقلم رصاص المقام العراقي والتشريب

حروف بقلم رصاص المقام العراقي والتشريب

لست ضليعا بالمقام العراقي مع ذلك أستطيع الإدعاء أني من محبيه ومستمع جيد له، في معجم المعاني الجامع قرأت إن كلمة المقام تعني معاني كثيرة منها موضع القدمين والحجر الذي قام عليه إبراهيم حين رفع جدار البيت، وهو السلم الموسيقي وجاء معناه ايضا (الفلسفة والتصوف) وما درج عليه القول (كل محفوظ في مقامه) وأصحاب المقامات العليا.
شأن كلمة مقامات هو شأن معظم مفردات اللغة العربية تنطوي على معان متعددة، أما أصل المقام العراقي ومؤسسه وبدايته فلم أجد له في المصادرسوى معلومات متواترة، غير إن الدكتور هيثم شعوبي وهو (أبن شعوبي ابراهيم) يرجح ظهور المقام العراقي إبان الدولة العباسية وذكر في جلسة ثقافية حضرتها في زاوية حسن العلوي إن المقامات نوعان أصلية وفرعية، مقامات اصلية رئيسة وعددها سبعة وهي الرست , البيات , السيكاة , العجم , النوى , الحجاز , الصبا وان المقام يقرأ بأدوات موسيقة بسيطة هي الجوزة والسنطور والطبلة.
ومن بين ما ذكره ولفت انتباه الحاضرين اليه مثال افتراضي له معنى كبير هو إننا لو جمعنا قارئي المقام في باص سيستوعبهم (باص) واحد فقط ولا سمح الله لو انقلب بهم فإننا سنبقى بلا قراء مقام ونطوي صفحته الى الابد، مثال اصاب الحاضرين بالذهول، هل يعقل أن يتخلى العراق عن نافذة مهمة من تراثه يطل منها للخارج بعد اعوام طويلة نما وانتشر فيها المقام العراقي وعرف في العالم كله بأنه جزء لا يتجزأ من التراث العراقي الاصيل. ؟
سؤال موضوعي سأترك لكم الأجابة عليه واقول معكم من المسؤول عن أهمال الفنون والموسيقى والتراث، هل هي الحكومة أم المواطن أم منظمات المجتمع المدني من ؟ يبدو لي ان نظامنا الديمقراطي لايملك الارادة والقدرة على مسك عجلة القيادة للتحكم بمفاصل الحياة المختلفة فهو ما ان يهتم بواحد منها حتى يهمل الاخر وهكذا، فضاعت الفنون من مسرح وسينما وحفلات غنائية وصار الاهتمام بالنحت والرسم ثانويا كما هو الحال مع المقام العراقي الذي يوشك ان يندثر في عصرنا الديمقراطي جدا.
حاولت أن أتبحر قليلا بالمقام العراقي الذي نتذكر من رموزه المعروفة محمد القبانجي ويوسف عمر وناظم الغزالي وحسن خيوكة وعبد الرحمن خضر وعبد الرحمن العزاوي وحسن البنا وحسين الاعظمي وآخرين ربما فاتني ذكر أسمائهم وبلا شك كان المرحوم القبانجي مدرسة قائمة بذاتها فقد غنى المقام بالطريقة الكلاسيكية ثم حاول تحديث المقامات وابتكار مقامات جديدة، ويسجل له أنه الوحيد الذي غنى المقام واقفا، وكما قال الدكتور هيثم فأن المقام ذكوري لأنه يعتمد على الطبقة العليا من الصوت وقارئ المقام يضرب “التشريب” ويسند معدته ليتمكن من المحافظة على طبقة صوته العالية، فيما سمعت المفكر حسن العلوي يقول ان المقام ظهر في ثلاث محافظات هي بغداد والموصل وكركوك ولم يبرز في غيرها.
ومع ان المقام ذكوري برزت أصوات نسائية مهمة مثل صديقة الملاية وسلطانة يوسف ومائدة نزهة وحاليا الفنانة فريدة.
وأنا أبحث عن أصول المقام وجدت إن القرن الثامن عشر كان قرنا للمقام وانتشاره وبروزه فقد ظهرت خلاله عشرات الاسماء المهمة منها شلتاغ وابراهيم بكر وابراهيم البابوججي ومحمود الخياط وابراهيم نجيب وسعيد الاعظمي واحمد البياتي واحمد الموصلي وابراهيم العزاوي وغيرهم من يهود العراق، وما أحوجنا اليوم الى شخصية مثل يحيى ادريس الذي وظف جهوده في اعلاء وتحبيب المقام لجمهور الشباب من خلال برامجه سهرة مع المقام العراقي وعلى ضفاف التراث وأنغام الرافدين وأسهم في بروز العديد من الاصوات الجديدة، فلما لا تتبنى شبكة الاعلام العراقي تخصيص مديرية او قسم للمقام العراقي يتولى تقديم برنامج اسبوعي عبر شاشة العراقية ويقيم المسابقات للشباب المهتمين بالمقام واتاحة الفرصة للأصوات الجديدة للظهور والانتشار وبذلك نكون قد حافظنا على تراثنا وهويتنا الوطنية ولا اعتقد إن ذلك عسير على شبكة الاعلام العراقي والصديق مجاهد ابو الهيل.