23 ديسمبر، 2024 1:48 م

حروب في زمن الفاشلين!

حروب في زمن الفاشلين!

تتعدد المؤسسات والهيئات في الدولة الواحدة، ولكن بعضها يحظى بأهمية خاصة، وباهتمام أوسع، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، وقد اعتبرت المؤسسة العسكرية، جوهرة التاج، إن صح التعبير، عند الكثير من الأمم، على مر العصور، وعلى اختلاف النظم السياسية الحاكمة.
وفي القرن العشرين، وبعد تأسيس الدولة العراقية الفتية، أسس الجيش، أو بالأحرى وبالتواريخ سبق تأسيس الجيش رسمياً 6 كانون الثاني 1921، تأسيس الدولة العراقية 23 آب 1921.
وتطور الجيش العراقي تطورا ملحوظاً، وأسست الكلية العسكرية الأولى (المدرسة الحربية) في 12 أيار 1924، كما أسست الصنوف حينها، القوة الجوية عام1931، والقوة البحرية عام1937، واستمر الجيش العراقي بلعب دور مهم، في الحياة السياسية، والحياة العامة، وتوالي الانقلابات العسكرية، في الحكم الملكي، وبعد قيام الجمهورية عام 1958، إلا أن عقيدة الجيش العراقي الوطنية، لم تتغير ولم تتأثر، فالوطن، وحمايته، هو الغاية.
واستمر الوضع، إلى أن جاء البعثيين بانقلاباتهم المشؤمة، فدنسوا الجيش ومفاصله، بأفكارهم المريضة، حتى جاءت الطامة الكبرى، بانقلاب تموز1968، بزعامة كني أو (قني) الحقيقية، وبوجود وجوه وأدوات، من ضباطه، فكان البكر، قائداً شكلياً، حتى تمكن (كني) من الاستئثار بالسلطة شيئاً فشيئاً، وأزاح البكر، ليكون الراس المدبر واليد المنفذة والنافذة، في كل أرجاء الجيش، وقد مهد لهذا الأمر، بإدخال التنظيم الحزبي، في المؤسسة العسكرية، لينهي بذلك، استقلالها.
مستمرا بإصدار القرارات الغبية، حقدا منه على الجيش، الذي لم يتسنى له أن يلتحق فيه ضابطاً، لأسباب عديدة، ومنها قرار115 المشؤوم بقطع الأذن، وقرار التحاق خريجي الكليات وحملة الشهادات العليا، كجنود في الجيش، بعد أن كانوا يلتحقون بصفة ضباط احتياط، وكان واضحا، حقده على المؤسسة التعليمية أيضاً، وقد استغل تغلل البعثيين في الجيش لتحقيق مأربه، وإغراء المراتب، بالترقية إلى رتبة ضابط، أذا ما تقدم في صفوف الحزب.
وقد شكل هؤلاء، أداة التجسس في الجيش، وباقي المؤسسات الأمنية، إضافة إلى وجود الوحدات الأمنية المتخصصة بـ (كسر الركبة) في الجيش، ناهيك عن التمييز في المضمون والشكل، بين المؤسسات نفسها، فشَكلَ وميز بين الجيش، والحرس الجمهوري، وبين الأخير والحرس الخاص، وكان السيد على الجميع هو الحزب، ومن انتمى له، وباع نفسه وأهله ووطنه، ليشتري رضا القائد الضرورة، كما انه أسس ميليشيا، فدائيو صدام، على غرار الشبيبة الهتلرية، وهم أيضاً ممن باع كل شيء ليشروا مرضاته.
وها هم يرجعون، بقرارات حكومية، استثنائية، مخابرات، فدائيون، عسكر، حرس خاص، امن، وليس من قبيل الصدفة، أن تعقد الجلسة الاستثنائية يوم السابع من نيسان، وهو يوم، يمقته كل عراقي شريف، ويحتفل به البعثيين والقتلة.
ولا أخال الدمار الذي يصيب العراق اليوم، والدماء التي تسيل من أبنائه انهاراً، إلا نتيجة هذه القرارات، فالفاشلون نفسهم أعيدوا، الوصوليون، الذين لا هم لهم، سوى المال، سكنوا القصور، وامتلكوا ما امتلكوا، من حطام الدنيا، والآمر من هذا كله، إن الفساد المستشري في الوزارات والأجهزة الأمنية، علناً، ولا يهم كل ذلك لدى القائد الجديد، فالولاء لشخصه أهم، سلامته أولاً، ولياتي الطوفان، ماءً أو دماً.