لاندري إن كان قدر العراق مترع بكؤوس الدم.. أم أن الاقدار هي من كتبت عليه أن يكون هكذا (دموي المزاج ) ، ولا يهدأ له بال أو يستقر على حال!!
حتى حكماؤه أو ممن كانوا يحسبون ضمن هذه السمة ، يبدو ان الحكمة لم تعد تلازمهم، في الاوقات العصيبة ليستخرجوا منها، مايعيد الانسان الى رشده!!
والسؤال الذي يراود الكثيرين : بعد ان وعدنا الساسة بالأمن والامان، وان تعود لنا بعض حريتنا وكرامتنا، فإذا بنا نعود قهقريا الى حالة الامتهان!!
كان الكثير من العراقيين متوجسين خيفة مما يحوكه لهم الزمن الاغبر من مقالب وما تخفيه لهم الاقدار من بقايا حلم بأن تكون هناك نهاية للنفق المظلم ، واذا بانفاق جديدة تبشرهم بأن بحور الدم هي الكفيلة بتحقيق آمالكم واحلامكم، في ان تكونوا مشاريع موت لاخلاص منها!!
وما بقي غير الموت الملاذ الآمن الوحيد لخلاص العراقيين من تلك الكؤوس المترعة بالدم التي يوزعها عليهم ساسة بلدهم،دون ان يجدوا لهم من بين حكمائهم من يخرجهم من الظلمات الى النور!!
كان البعض يمن نفسه ان حكماء العراق يمكن ان يخرجوا البلد من أزمته، ليعود العراقيون آمنين مطمئنين على حياتهم وعيشهم، ويتركوا عهود الهمجية والبربرية ويودعوها الى غير رجعة!!
لايوجد شعب على هذه الارض ذاق ويلات الساسة كما تجرع كؤوسها العراقيون، حروبا وغزوات ولعنات، وضياع دم ابنائهم بين القبائل!!
كل شعوب الارض، تستغرب ما أوصل العراقيون انفسهم اليه من أحوال مريرة يبكي عليها الحجر قبل البشر، ولم يعد الساسة الى رشدهم بعد كل حروب داعش والغبراء ، وتصاعد نبرات تجار الأزمات وأمراء الحرب!!
حتى أمراء الحروب ابتكروا أساليب جديدة لإغواء البشر وتحويلهم الى خرفان ذبح تقدم قربانا لاطماع رجالات السياسة، أما السيادة والكرامة فأصبحت من ذكريات الماضي ، وأصبحت الوطنية تهمة يعامل صاحبها على انه مجنون أو معتوه، ينبغي ان يحاكم وفق المادة 4 إرهاب!!
أجل..حتى بقايا السيادة والاستقلال والكرامة، راحت تعجن مع خبز العراقيين مغمسة بالدم ، وتوزع على النازحين ومن حرمتهم الاقدار من رؤية مدنهم وقراهم، وأصبحوا لاجئين في بلد يعد التشرد والضياع والغربة فيه هو السمة الغالبة على معظم مواطنيه!!
حتى صدق فينا قول الشعر العراقي الكبير الراحل عبد الوهاب البياتي : الغربة كرامة عندما يصبح الوطن مذلة!!
بحار الدم او بحور الدم في العراق لاندري كيف تجمعها لغة البلاغة العربية على بحار او بحور أو ربما محيطات..لأن نهم الساسة للدم ولبحوره لم يعد لها من حدود!!
أين الحكمة..بل أين الحكماء..واين العقل بل اين العقلاء..وهل من الصحيح ان يتحول ملايين العراقيين من ميسوري الحال الى ان يصبحوا كلهم معدمين وفقراء؟!!
كان لدينا بقية أمل ان يحكمنا في آخر الزمان حكيما، ويجنب البلد شرور الحروب وبحيرات الدم ، لكن أملنا خاب منذ ان انخرط حتى من نظن انه حكيم ، وراح يردد مع مؤججي الفتن ومشعلي نار الأزمات، ان لابديل أمام العراقيين : الا خوض بحور الدم، ويغرقوا بفيضاناتها حتى الركب، حتى يستقيم الحال، ويبقى الحاكم بأمر الله وحده هو من يتسيد المشهد، اما العراقيون فهم كلهم شهداء يقدمون أنفسهم قربانا للآلهة!!ا
لقد أدركنا أن رجالات السياسة باعوا كل شيء، وأمتلكوا كل شيء، أما العراقيون كشعب ومصير، فقد أضاعوا كل شيء، الا المروءة وبقايا أمل، بأن بالامكان ان يصلح الله حال العراق، بعد كل هذه الحروب العبثية التي ابتدعها لنا رجالات السلطان ، حتى اضاعوا لنا السلطنة بفعل شيطنة وإغواء النسوان !!
لكن نساء العراق هذه المرة بريئات من دم يوسف، وما تآمر عليه غير إخوته ، وهم من القوا به في اليم، وقالوا لأبيهم : لقد أكله الذئب ونحن عنه غافلون!!