عهدنا الفقه السني يحرم الخروج على الحاكم المسلم ولو كان جائرا وهذا احد أسباب سكوت اغلب العراقيين السنة عن جرائم النظام المقبور حتى تلك التي طالت الكثير من شخصياتهم ورموزهم المهمة ويستدل علمائهم القدامى والجدد على ذلك بالأحاديث العديدة الواردة في كتب الصحاح منها مثلا :
•عن أبي ذر ( رض ) قال إن خليلي ( ص): ( أوصاني أن أسمع و أطيع وإن كان عبدا مجدع الأطراف ) وفي لفظ آخر عند ابن أبي عاصم بسند صحيح ( اسمع وأطع لمن كان عليك ) / رواه مسلم
•عن أنس بن مالك (رض) قال قال رسول الله (ص) : أسمعوا و أطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبه / رواه البخاري
•عن عبد الله بن عباس (رض) أن رسول الله ( ص) قال من كره من أميره شيئا فليصبر فأنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية / متفق عليه عند البخاري ومسلم
•عن وائل بن حجر (رض) قال سأل سلمة بن سعيد رسول الله (ص) فقال يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا فأعرض عنه ثم سأله فقال رسول الله (ص) اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم / رواه مسلم
•عن أبي هريرة (رض) قال قال رسول الله ( ص) من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو لعصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لكل ذي عهد عهده فليس مني ولست منه / رواه مسلم
•عن عدي بن حاتم (رض) قال قلنا يا رسول الله لا نسألك عن طاعة من اتقى ولكن من فعل كذا وكذا فذكر الشر فقال (ص) اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا/ رواه ابن أبي عاصم في السنة.
فمسألة الخروج المسلح على الحاكم المسلم الظالم، أو الفاسق، اتفقت كلمة أكثر الأئمة المتبوعين والعلماء المعروفين من أهل السنة على القول بترك القتال وعدم الخروج، حتى لقد حكى الإجماع على ذلك بعض العلماء كالنووي في شرحه لصحيح مسلم، وقال ابن تيمية في منهاج السنة: كان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة، كما كان عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد، وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث، ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في
الفتنة، للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي (ص)، وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم .. ، وقال في مجموع الفتاوى: مذهب أهل الحديث ترك الخروج بالقتال على الملوك البغاة والصبر على ظلمهم إلى أن يستريح بر، أو يستراح من فاجر. اهـ. وقال الشيخ ابن باز المفتي السعودي في كتاب ( فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة ) ص61: والنصوص من السنة تُبين المعنى، وتفيد بأن المراد: طاعتهم بالمعروف، فيجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي، فإذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية، لكن لا يجوز الخروج
عليهم.. لا يجوز منازعة ولاة الأمور ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفرًا بواحًا عندهم من الله فيه برهان، وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يُسبب فسادًا كبيرًا، وشرًا عظيمًا، فيختل به الأمن، وتضيع الحقوق، ولا يتيسر ردع الظالم ولا نصر المظلوم، وتختل السبل ولا تأمن، فيترتب على الخروج على ولاة الأمر فساد عظيم وشر كبير، إلا إذا رأى المسلمون كفرًا بواحًا عندهم من الله فيه برهان، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة، أما إذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا، أو كان الخروج يسبب شرًا أكثر؛ فليس لهم الخروج، رعاية
للمصالح العامة، والقاعدة الشرعية المجمع عليها أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه، بل يجب درء الشر بما يزيله ويخففه .
والغريب إن علماء السنة كـ ( هيئة علماء المسلمين ) والشيخ عبد الملك السعدي وآخرون برروا هذا الهجوم على مدن كاملة بما رافقه من قتل للأبرياء وانتهاك للإعراض وتهجير وإحياء للفتن الطائفية وإحداث للفوضى برروه بانه ( دفاع عن النفس ) !!! ولا ادري أي دفاع هذا الذي يقتل فيه البرئ ويهجر الآمن ويعتدى على الأقليات في الموصل وصلاح الدين وغيرها من المدن العراقية. واذا كان هذا هو الدفاع فكيف يكون الهجوم اذن !!!!
ان فقهكم الذي تتعبدون به لا يجيز لكم السيطرة على أي مدينة من مدن العراق وتهجير ابناءها بهذا الشكل الذي شاهدة كل العالم او القتل المروع لمن أعطيتموهم الأمان كمنتسبي كلية القوة الجوية بقاعدة سبايكر، ولا الخروج على هذه الحكومة التوافقية الا ان تقولوا كل ساسة العراق كفره يجب الخروج عليهم وهذا حسب علمنا لم تقولوا به ، ولا يمكن القول به لان 99% منهم مسلمين يشهدون الشهادتين وهذا عندكم كافي لإثبات الإسلام وحرمة الدم والعرض والمال ، كما سمعنا من الشيخ حارث الضاري نفسه ذات يوم في إحدى لقاءاته قال : ( المسلم من قال لا اله الا الله ، محمد رسول
الله ) .
فعلى أي مذهب تقاتلون وتقتلون العراقيين وتحدثون هذا الدمار في البلاد !!! ومن المستفيد من تقاتل العراقيين فيما بينهم وضياع هذا البلد العريق بهذا الشكل !! واذا كان المفروض بالانسان ان يعتبر من احداث غيره ، اليس النموذج السوري اقرب مثال امام الانظار لنعتبر ، فالفوضى والخراب في سوريا اليوم يعمان في هذا البلد والى الان لا وجود لمنتصر في سوريا، بل الكل خسر المعركة وأولهم الشعب السوري فاعتبروا يا أولوا الألباب .
ان الايام القادمة حبلى بالاحداث فالفتن اذا وقعت لا نعلم اذا كنا قادرين على اخمادها ام لا .. واذا لم تتداركوا الموقف وتركنوا الى منطق العقل والحكمة والاساليب السلمية سوف يحصل ما لايحمد عقباه { وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } ولات حيـــن مندم ، وَلات حِينَ مَنَاصٍ وسوف يكتب التاريخ مخالفتكم لدين اسلافكم ومساندتكم لمجرمي داعش في قتل العراقيين وتضييعكم لبلد عريق اسمه العراق ، وترككم لعدو واضح اسمه ( إسرائيل ) !!
*************************************
تنويه: أرجو من القارئ أن لا يستعجل باتهامي باني مع هذه الحكومة الفاسدة أو مؤيد لها فقد كتبت في الأيام الماضية مجموعة مقالات في فضحها وبيان مساوئها على موقع كتابات وغيره فراجع.