بعد كل انتخابات اتحادية ومحلية و اقليمية تثاراتهامات من الاطراف المشاركة فيها بعضها ضد الاخر بالتزوير وتقدم شكاوى ، من دون ان تتخذ الجهات التنفيذية والتشريعة اجراءات لمعالجة مواطن الخلل بصورة جذرية تنهي تكراره او تقلصه الى ادنى حد ينعدم فيه التاثير الذي يحدث انعطافة في النتائج النهائية وصولا الى الغائه ..
ومن بين المجالات التي يشار اليها وتكال لها الاتهامات بالتلاعب بشكل صارخ وموثق هو التصويت الخاص في القوات المسلحة بكل صنوفها ، هذا ما سمعناه وقراناه عن اخر انتخابات اتحادية وفي اقليم كوردستان ومن المتوقع ان يكون الحال ذاته في انتخابات مجالس المحافظات المزمع اجرائها في الفترة المقبلة .
المجتمع والاحزاب السياسية والفعاليات الناشطة في حقل الراي العام تناقش هذه المسالة الهامة منذ اطاحة النظام الدكتاتوري من دون التوصل الى نتيجة متوافق عليها لزيادة نسبة نزاهة الانتخابات وعدالتها .
تنشطر الاراء ازاء منع القوات المسلحة من المشاركة في التصويت الى شطرين ، الاول تتبناه القوى النافذة في العملية السياسية وبين المنتسبين ، يرى انه لا يجوز حرمان فئة من المواطنين من حقها في الانتخاب ، ولكن لا تقدم بديلا رصينا تتجنب فيه المؤسسة العسكرية ما يمارس عليها من الضغوط والاكراه والتاثيرات والخروقات في عملية التصويت والتعبير عن رايها بحرية .
فيما يرى الشطر الثاني ان اليلاد في مرحلة انتقالية والتحزب طال المؤسسة الامنية والعسكرية واساسا قبول المنتسبين فيها لا يتم على الاسس المهنية المتعارف عليها ، وهي تأتمر بآمرها ،ولاجل انتخابات نزيهة وعادلة وللخلاص من التزوير فيؤكد على حرمان المؤسسة من المشاركة ليس في الترشيح المعمول به شكلا ، وانما من
الانتخاب ايضا ، ففي ذلك ضمان حيادها ومنع استغلالها في التاثير على النتائج ووجهة الناخبين.
هذه القضية واجهت كثير من البلدان وبعضها قطع شوطا طويلا في ترسيخ الديمقراطية وبناء تجربتها وعولجت باستثناء العاملين في المؤسسات الامنية والعسكرية من الترشيح والانتخاب ، وهذا قطع الطريق على استغلال القوة والضغط للانحياز الى هذا الطرف او ذاك والاخلال بميزان العدالة لصالح من يملك التاثير فيها .
من الملاحظ ان هذه القطاعات تميل الى من بيده زمام السلطة وتحرم الاحزاب الصغيرة من الحصول على نتائج بائنة وملموسة .. فقد عرض بالصوت والصورة كيف تزعم قادة بعض الوحدات الذهاب الى صناديق الاقتراع بشكل جماعي والهتاف الى جهات محددة ناهيك عن ممارسة الضغوط الاخرى لدعم كتل بعينها .
لم ينجم عن الشكاوى بحق هذه الخروقات اعادة الحق الى نصابه وتطبيق القانون ، ففي بلدان عريقة والقانون فيها فاعلا ومؤسستها طبيعية لا يمكن اثبات شيئا على العناصر الامنية التي تنتهك القانون لذلك اضطرت الى العمل بقانون الحرمان . فالتحقيقات تبقى شكلية والضغوط متاثرة ويتضامنون فيما بينهم ، الى جانب النفوذ والقوة التي يمتلكونها المعطلة لاي اجراء ضدهم ، فكيف الحال في بلد مثل العراق .
وهو في طور بناء نظام متعثر وتاكلت بنيته الاخلاقية والقانونية ويعاني من انقسام صارخ وحاد على اسس ومبادىء الوطنية والمواطنة وسيادة القوة في علاقات دولته . حتما سيكون الامر للاقوى وليس للقانون.