مع الساعات الاولى لتكليف السيد حيدر العبادي القيادي في حزب الدعوة الاسلامية ، من قبل السيد رئيس. الجمهورية فؤاد معصوم ، والمحادثات بدأت بين جميع الأطراف السياسية ، والتي سعت بدورها على الاعتكاف من اجل بلورة موقف من المشاركة ، وتحديد سقف المطالب من التحالف الوطني ، حيث بدأت أولى هذا الحراك في داخل التحالف الوطني نفسه من التحديد الوزارات التي سيتسلمها في الحكومة القادمة واتي يمكن ان تصل الى ١٧ وزارة ، على اساس امتلاكه ١٧٨ مقعد في البرلمان .
السؤال الذي يطرق آذان العراقيين في هذه المرحلة يدور حول كيف سيحكم العراق بعد تنحي المالكي ، وكيف ستدار البلاد في ظل وضع أمني متدهور تعيش مدن العراق التي سقطت بيد الإرهاب القاعد بعثي ، واقتصاد متراجع تماما ، وعلاقات خارجية سيئة ، اذ لا يتمكن العراقي من حماية نفسه في اقرب دولة الى بلده .
ان الركيزة الأساسية للعمل السياسي في البلدان التي تمارس عملية الانتخابات والانتقال السلمي للسلطة هي الاحزاب المشاركة في الانتخابات، والتي من المفترض انها تمثل ارادة الناخب وتطلعاته، وبالتالي فان أي حزب يحظى بمقبولية لدى الشعب يحصد من الاصوات ما يؤهله لأغلبية برلمانية وترشيح من يقود البلد لإكمال العملية السياسية، فيما تتحول الاحزاب الاخرى التي حصدت الاصوات الاقل الى معارضة سياسية لإحداث توازن سياسي مهم داخل قبة البرلمان ، كما انها تمارس دور المواقف للأداء الحكومي ومحاسبة المقصرين فيها .
في العراق الجديد لا تسير الامور على هذه الشاكلة ،وبحسب ما يرى المراقبون لمجريات الاحداث، وبحسب ما افرزته لنا التجارب السابقة التي فتحت كل الجبهات والاحتمالات على بعضها، وربما هذا الذي سيقودنا الى من يحكم المرحلة القادمة في البلاد .
في العراق هناك حاكم أكبر من الاحزاب والناخبين وحتى العملية السياسية، وهذا الحاكم هو من يقود الدفة في العراق منذ عام 2003، وسيستمر في عملية الحكم والسيطرة على الساحة السياسية في ظل المناخ السائد في الوقت الراهن.
هذا الحاكم غالبا ما يأتي عن طريق(التوافقات/الخلافات) والفاصل بينهما (المصالح)، وغالباً ما يلقى عليه اللوم في فشل وتأخر اقرار القضايا الحساسة في البرلمان كانعدام الأمن ، وتفشي الارهاب والفساد وتعطيل الميزانية والتمسك بالسلطة ونقص الخدمات وغيرها من ابواب تراجع في موسسات الدولة .
اليوم وبعد الانقلاب الأبيض الذي قاده السيد العبادي داخل التحالف الوطني ، وتكليفه بتشكيل الحكومة المقبلة فانه يمتلك أدوات التغيير وإيجاد الأرضية المناسبة في تشكيل حكومة منسجمة وقوية تكون مقبولة وطنية تتماشى مع ظروف الوضع الراهب والخطير ، ومحاولة محاولة الانحرافات الخطيرة طول فترة الحكومتين السابقتين ، وان كنا نشك في قدرة التحالف الوطني على ايجاد التغيير في الوضع السياسي الحالي ، كونه ما زال حبيس الإرادات التي شلّت حركته ، وجعلته أسير لهذا الإرادات .
المهم من كذلك كله ، ان الشعب هو من قاد ثورة التغيير لتسقط بذلك الإرادات التي حاولت سرقة ارادة الناخب في السعي من اجل التغيير ، والتي نادت به المرجعية الدينية العليا ،ورفعت شعاره ، والذي لم يرق للبعض معالجة الخروقات والتلاعب بالدستور والقوانين ، ناهيك عن السيطرة الكلية على جميع المؤسسات الأمنية وإدارتها بالوكالة .
السيد العبادي امام مهمة صعبة وليس من السهولة معالجة كل هذي المشاكل ، خصوصا مع الوضع الامني السي في الموصل وصلاح الدين وديالى ، ولكن الأولوية بالتأكيد تكون لتشكيل الحكومة ، وفق اسس مهنية مقبولة من الجميع ، تحضى بقبول المرجعية الدينية ، تكون قادرة على معالجة جميع المشاكل ، وفي مقدمتها القضاء على التحالف الارهابعثي الذي سرق فرحة العراقيين بنيلهم الحرية بعد سنوات الظلم ىالاستبداد البعثي .
كلنا امل في قدرة رئيس الوزراء المكلف ، ومن يقود دفة التغيير ان يكونوا رجال وقادة هذا البلد اليوم في مستقبل من اجل النهوض بواقع العراق المرير ، وبناء موسسات الدولة على اسس دستورية بعيد عن التسلط الحزبي الذي لم يخلق سوى احراق البلاد واحتلال أراضية من عصابات داعش الإرهابي.