18 ديسمبر، 2024 5:08 م

حرق المصحف أقذر لعبة سياسية بسلاح المرتزقة!

حرق المصحف أقذر لعبة سياسية بسلاح المرتزقة!

سبحان االله العظيم في ذات الانسان المضحي بحياته من أجله هو الحياة كلها، وهو الشرف والأخلاق التي تجسّد ذاته الإنسانية، ليطمأن كل إنسان مؤمن بالله، إن ظاهرة حرق المصحف مع أجندتها والدوائر التي تقف خلفها وتروجها بكل الوسائل لم ولن تكون اقوى من الهجمات الشرسة المستمرة على الدين الإسلامي.
موضوع تكرار حرق المصحف يرتبط بالهجوم الكبير الذي يستهدفنا، فهو صفحة من صفحات الحرب على امتنا وكل من يتصور أن الغرب يستهدف ثرواتنا فهو واهم، لأن ثرواتنا تصلهم بدون حروب والخطر ليس في جيوش الأعداء وعدتهم العسكرية بل الخطر في عقيدتهم وأفكارهم الهدامة القاتلة.
بلاشك أنها لعبة سياسية لإشعال الفتنة بين المجتمعات والشعوب الإسلامية وبين الغرب، من هنا فإن الغرب متهم بعولمة الإرهاب وخلق الصراعات الدينية.
لكن لدي رسائل معينة وكالآتي:
1. رسالة إلى المرتزقة:
إن الله لا يتقيد بجدران المسجد أو في كتاب أو عمامة ولحية رجل الدين الطقوسي، بل الله هو الكيان العظيم الذي تتلاشى قيمة الروح أمام عظمتهّ، دين الله الحق خالق الكون ومهندسه العظيم، هذا الدين لن يكون دينا بهلوانيّا يتحكم فيه ذوي الجلابيب والعمائم، دينا إنسانيّا لا يكيل لصالح قومية معينة أو أنساب كهنوتية. دين لله لا يقدس الأماكن والأبنية والهياكل الطقوسية، إن الأرض كلها طاهرة مقدسة، وإن الإنسان هو قدوس الله الأعظم الذي خلقه بيديه، وإن الجنة ليست ميتافيزيقية خيالية وإنما هي حقيقة تتحقق بالعدل والسلام والمحبة بين جميع البشر. دين يتجلى برحمة الله على العالمين، ليس رجعيّا باليا إنما دين يتسق مع منطق العصر والتقدم العلمي والحضاري.
تجدر الإشارة نحن لسنا بشأن استعراض مفاهيم معينة أو إثبات صحة دعوة دينية، لاسيما دين الله هو رسالة الله التي بعث فيها النبي العربي الأميّ محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وبموجب جدل الوجود والنواميس الالهيّة فهو يبشرنا بظهور الاسلام من جديد. لقد كانت ثورة النبيّ الأمي المهدي محمد بن عبد الله في جزيرة العرب، الذي قلب كيان جزيرة العرب وأسس لنظام دولة عظمى امتدت حدودها من جنوب فرنسا غربا الى الصين شرقا. والأهم لم نسمع بنبيّ يناقض نبيّ آخر ويدحض نبوّة من سبقه، جميع الأنبياء أتت نبوّتهم عن مصدر واحد هو الله.
2. رسالة إلى العالم الغربي:
أولا. لماذا أعتمد الغرب على الخلط بين الجماعات الأصولية وبين الدين الإسلامي، حيث تم إلصاق اسم الدين بالإرهاب، لكن هذا ينافي جانب من الواقع، ذلك فإن إلصاق صفة الإرهاب بالإسلام وإعفاء الآخرين منها ستكون مقصودة ومغرضة، وهل حرق القرآن الكريم كتاب 2 مليار مسلم لم يعد إرهابا معنويا؟
ثانياً. أكدت الوقائع أن الثقافة الدينية في أوروبا وبعد تكرار عملية حرق المصحف والإساءة للرسول الكريم محمد (ص) إنها الثقافة المتطرفة، التي تعتمد على التأويل الخاطئ للأديان، من أهم الدوافع التي تقف خلف السلوك الإرهابي، باسم الأديان، الذي يجتاح العالم اليوم، بما فيه العالم الإسلامي.
ثالثا. أصبح الدين الإسلامي في الظروف المعاصرة بالنسبة للغرب، مرجعية مهمة وأحد المصادر الفكرية الأساسية التي يعتمد عليها الغرب في نشر أفكار التعصب القومي والديني، بعد تأويل نصوص القرآن من قبلهم.
وفقا لما تقدم، أن الغرب هو من صنع الايديولوجيات المتطرفة، بمعنى أن الدول الغربية قد عولمت الإرهاب، بعد أن أصبحت عابرة للحدود، وهي الايديولوجيات التي تعبر عنها الجماعات المتطرفة كالقاعدة وداعش، حيث يعتبر تنظيم داعش الذي تم تأسيسه من قبل مخابرات دول كبرى وباعترافهم، هو من أسهم بدور كبير في ظاهرة عولمة التطرف، فإذا كانت حركات الجهاد التي تشكلت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي ضد الوجود السوفيتي في أفغانستان مقتصرة على العرب والمسلمين، فإن تنظيم داعش استطاع في تجربته في سوريا والعراق أن يستقطب آلاف المتطرفين من جميع أنحاء العالم إلى الشرق الأوسط، في مؤشر واضح على عولمة ظاهرة التطرف، وتطور أدواتها وتحول أهدافها، فرغم انهيار ما يسمى دولة الخلافة التي أسسها داعش في سوريا والعراق، إلا أن أيديولوجية التنظيم وأفكاره، ستبقى مصدر إلهام للجماعات المتطرفة، ما لم يتم القضاء على الأسباب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي ادت إلى ظهورها.

بقلم: استاذ الفكر السياسي
الدكتور: أنمار نزار الدروبي