أطلق مصطلح الانسداد السياسي, لتوصيف الوضع السياسي العراقي القائم منذ تسعة شهور، وما هو في حقيقته إلا خصامٌ متراكم بين فئتين سياسيتين, أدت لخروج جزء من الإطار التنسيقي, بعد حصول قائمة سائرون, على العدد الأكبر من المقاعد، والتي تمسك بها ليقوم بتشكيل تحالف ثلاثي, يُقرأ من قبل الساسة, أنه الأضعف برلمانياً, كون عدده برلمانياً, أقل من المكونين الآخرين.
بعد انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه, فشل التحالف الثلاثي بعقد جلسة يكتمل من خلالها النصاب, الذي يجب أن يكون الثلثين, من مجموع أعضاء البرلمان حسب الدستور العراقي, لينسحب التيار الصدري, بكل أعضاء البرلمان لكتلة سائرون, والبالغ عددها 73 نائباً, وباءت كل المبادرات لإعادته إلى البرلمان, ما اضطر البرلمان العراقي لإكمال عدد أعضاءه, بدلاً من النواب المستقيلين, وتم ذلك وكان من المؤمل, انعقاد جلسة اختيار رئيس الجهورية, ومن ثم مطالبة الكتلة الأكبر, بتقديم مرشحهم لرئاسة الوزراء.
بعد انقطاعٍ للتيار الصدري, عن إقامة صلاة الجمعة, دعا السيد مقتدى الصدر أتباعه, لإقامة صلاة موحدة في مدينة الصدر, ليحدد تأريخها في 15/7/ 2022, إيذانا منه بمرحلة جديدة, ودعا مِن خلالها, كل مكونات العراق للحضور, تجمعٌ ملحوظ لأتباع السيد الصدر, بدأ التحشيد من قبل قيادات التيار الصدري, وكان التواجد كبيراً, فهل كانت تلك الجمعة, استعراضاً لقوة التيار شعبياً, وهو المعروف عند القوى السياسية؟
لا نعتقد ذلك فلا بُدَ من رسالة أكبر, من مجرد استعراضاً للقوة, ويجب اتخاذ ذلك بالحسابات السياسية, كي لا يحصل انفلاتاً في أي لحظة.
بان في الأفق بعد اجتماعات مكثفه بين أطراف الإطار التنسيقي, ليقع الاختيار على المرشح محمد شياع السوداني, الذي أشاد عددا من الساسة, بنزاهته وعدم وجود مؤشر لفساده, تفاؤل ساد الشارع العراقي, إلا أن الخلافات السياسية, رمت بضلالها على الواقع, لتقف بالضد من الانفراج, فقد تم التحشيد للتظاهر من قبل التيار الصدري, تحت شعار ثورة عاشوراء, وعدم السماح للإطار التنسيقي, بطرح مرشح لرئاسة الوزراء, دون العودة لاستشارة التيار الصدري.
التظاهرات ممارسة ديموقراطية, لا يمكن أن تُنفى فوائدها, فقد تطرح ما هو غائبٌ, عن ذهن الساسة أو الحكومة, ويكون الهدف تعديل المسار, خدمة للوطن والمواطن, إلا أنَّ هناك ضوابط, يجب العمل على أساسها, ومنها المحافظة على المؤسسات وعدم اقتحامها, وطرح ما يراد طرحه, بأسلوب حضاري بعيداً عن, كل ما يشوه التظاهر السلمي, وسد ثغرة التشكيك بالنوايا.
تغريدات ومنشورات لقاءات متلفزة, نستشف منها أن التظاهرات كانت بسبب, ترشيح محمد شياح السوداني لرئاسة الوزراء, دون علم التيار الصدري, فهل يحتاج هذا الأمر, تظاهرةً تقتحم مجلس النواب؟ هل أُخذ بالحسبان, ما قد يحصل لو أنَّ مندساً, قام بفعل يراد منه, خلق حالة من الفوضى الشاملة؟ السلمية لا تعني عدم سلاح فقط, بل عدم التصعيد الضار بهيبة الدولة أيضاً.