18 ديسمبر، 2024 5:05 م

حرقّ المصحف و سبُّ الصحابة ،، وما بينهما

حرقّ المصحف و سبُّ الصحابة ،، وما بينهما

إدّعى حارق نسخة المصحف الشريف ومدنّسه -وهو عراقي- ان سبب حرقه للقرآن الكريم ان هذا الكتاب هو سبب خراب وطنه وخراب العالم كذلك، وادعى شاتم الصحابة -وهو عراقي أيضا- ان هؤلاء كانوا سبب خراب وطنه ودينه وخراب الأمة ،
ولو تبصرنا قليلا لراينا رابطا مهما بين الاثنين -اقصد القرآن والصحابة-، وإن الذي يريد أحدهما يريد الآخر إن خيرا او شرّا ، فالصحابة نزل القرآن بين ظهرانيهم وعلى صاحبهم الذي ياكل معهم ويشرب عليه الصلاة والسلام ، وقد امتدحهم هذا -القرآن العظيم- وجعلهم ﴿خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ وهم حملوه ونشروه وكانوا هم ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ بشهادة القرآن نفسه ، فرعيل المسلمين الأول ومن قامت الدعوة على اكتافهم هم سند النبي وحملة الكتاب الذي جاء به و لولاهم -بإذن الله- لم يقم الدين ، ودليل ذلك خطاب النبي عليه الصلاة والسلام في بدر من حديث مسلم ((اللهم ان تهلك هذه العصبة فلن تعبد في الارض أبدا)) ،
نعم قد ميّز الله تعالى بين درجاتهم ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا﴾ولكنه وعدهم جميعا الحسنى ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ فالله اذن هو الخبير بهم وهو الذي يحكم بينهم ويفضل بعضهم وليس نحن ، فجميعهم افضل منا بنص القران ونص الحديث ((خير القرون قرني)) و ((اصحابي كالنجوم )) ،
فإن اخطأ منهم مخطئ -وهم بشر- يخطؤون ، او اجتهد منهم مجتهد او تنازعوا في امر دنيوي فهذا ليس شاننا ، فالله تعالى يسامحهم ويغفر لهم بالتخصيص فما شاننا نحن وكيف نجرؤ ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وقد تلقت الامة كلها بعد القرون الخيرية افعال الصحابة الكرام وآل البيت الاطهار بالقبول والرضا والاتباع او بالسكوت عند موضع الارتياب حرمة لهم ولقدرهم ودرءا لابواب الفتنة والشيطان ف﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْـَٔلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ فنحن لن نُسال في آخرتنا عما كانوا يصنعون ،
وقد صنعوا امورا تاريخية كبيرة لسنا في مقام يسمح لنا بنقدها فلعلها خير ، فمنهم من رآى ان ينقل دار الخلافة والحكم وارضها بينما كانت دار النبي وحكمه من قبل فلسنا اعلم منه لنحاججه ، ومنهم من قاتل مانعي الزكاة وهم قبائل كبيرة بسادتها بينما كان النبي يؤلف قلوب افراد يدفع لهم المال لأنهم سادة فلسنا أكثر منه دينا لنلومه ، فلا نحكم على من هم افضل منا ومن لم نعش معهم ، إلا من خالف أمر الله بيّنا فذاك له منا الجفاء وعدم الاتباع لا غير ، ولا قيمة لشهادة المفضول على الفاضل ، فان قلت ان هذا يصح فقط على المهاجرين والانصار ، فما ظنك في قول الله ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾
اولئك الذين عاتب الله تعالى نبيه -على عظمة قدره وخطورة شانه- في ان يطرد ضعيفهم او ينتقص من قدر أي منهم فقال عز من قائل ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ فمن يكون رجل تافه من عصرنا لا قيمة له -مهما علا شأنه في الدنيا- ليطردهم من المشهد الإسلامي ويطعن بهم ، او قوم او قببلة او مذهب او حتى دولة كاملة ، وما دوره ودورها وفضله وفضلها على دين الله ومالذي قدمه قياسا لأولئك العظماء الذين بفضلهم ننعم اليوم بالإيمان وبفضلهم سدنا الأمم ، وبفضلهم سنعود ،
اولئك الذين صانوا تعاليم القرآن وصنعوا منه قوانين وعلوم ومجتمع حي عاش الى يومنا ، وصار منه رجل تافه لا يساوي تراب قوائم خيولهم ليتطاول عليهم ، والرابط الثاني هو بين الرجلين نفسيهما فالذي طعنَ القران غرضه طعن الصحابة والاجيال الاسلامية الاولى فهم من أوصل إلينا القرآن بامانة ، وكذلك فإن الذي شتم الصحابة وطعن بهم غرضه حرق القرآن وتعاليمه ولكنه فاته ان يقول ذلك أو يخشى التصريح و سيقوله بعد حين ،
وان الرجلين ينهلان من منبعين ملتقاهما واحد فالرجل المحسوب على المسيح -وهو منه براء- يأتمر باوامر الغرب -عدو الاسلام ومبغضه- ويعيش بينهم ويحمونه ، والثاني المحسوب على التشيع -والتشيع الصحيح من مثله براء -ولو كان امثاله ملايين فالحق لا يُعرف بالرجال ، وكل المسلمين الحق متشيعون لله ولرسوله ولآل بيته ، إنما هو ياتمر باوامر الفرس الحاقدين على صحيح الاسلام والذين انتجوا منه نسخة محرّفة “باطنية” للطعن به من الداخل وهم الذين يحمونه ويوصلون امثاله لمراتب عليا في العراق والشام واليمن اليوم ، وكلما سمح التاريخ لهم بالبروز لم يجدوا غير هذا الحديث يلغون به ويولغون فيه ، ولم يصنعوا للأمة خيرا ،
يبقى القرآن العظيم منارا ﴿يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾
ويبقى الصحابة الكرام نبراسا لأنهم ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾
والحمد لله رب العالمين