إشتعلت المعارك مطلع الأسبوع النيساني هذا بين الحشد الشعبي وهي قوات شكلت بعد فتوى من المرجع الشيعي السيد السيستاني لمواجهة تقدم تنظيم داعش نهاية عام 2014 وتتألف من عشرات آلاف المقاتلين الشيعة، وإنضم إليهم لاحقا عديد المقاتلين السنة وأبناء العشائر في مدن سيطر عليها التنظيم من جهة، وقوات البيشمركة الكردية من جهة أخرى بعد تقدم لافت قامت به القوات الكردية تجاه مدينة طوزخورماتو التركمانية القريبة من كركوك والمتصلة بتكريت وتعود لها إداريا..
سبب المعارك التي تندلع من حين الى آخر وليس في الطوز لوحدها يعود في الغالب الى تقدم قوات كردية ترى أن معظم تلك المناطق هي مجال حيوي لإقليم كردستان وهي من ضمن حلم الدولة الكردية، وقد قصفت القوات الكردية مدينة الطوز بمئات القنابل وجرحت العشرات ودمرت الدور والمحال وأرعبت السكان، وبحسب رواية الحشد الشعبي فإن البيشمركة قوة غازية يجب أن تواجه بقوة وردع لمنعها من فرض معادلة جديدة على طول خطوط المواجهة المتشابكة بين داعش والبيشمركة والحشد والقوات العراقية وتتعدد فيها القوميات والأعراق من كرد الى عرب الى تركمان وكذلك الديانات والمذاهب الأخرى.
كل شئ وبمرور الوقت يسير الى مساحة من الإشتباك تكاد تكون حتمية فالأكراد لم يعودوا مكتفين بمساحة محددة خاصة وإن روايتهم تختلف عن العرب فيما يتعلق بنوع المواجهة السياسية والصراع على المناطق التي لم يحسم الدستور عائديتها، وهم يعتقدون بأن عديد المدن والقصبات المتصلة بالمناطق العربية والتي يتواجد فيها التركمان والعرب تمتد على جغرافيا ديالى، أو كركوك، أو صلاح الدين وحتى الموصل ومنها مايصل الى مناطق في واسط في الجنوب الشرقي من البلاد كلها تمثل لهم مجالا حيويا لوجودهم القومي،وهم يفعلون كل مابوسعهم لتأمين جغرافيا ملائمة لإعلان الدولة الكردية المزمعة.
هناك العديد من القصبات والقرى التي يقطنها التركمان وحتى في كركوك نفسها التي يرى الكرد أنها جزء من الإقليم، بل هي العاصمة المقبلة بعد إعلان الدولة، لكن التركمان بالمقابل يرون أن كركوك هي مدينتهم في الأصل وهذا مايدفع الى حصول إشتباك غير متكافئ في مرحلة لاحقة قد يكون بين التركمان والكرد، لكن المواجهة تلك ربما لن تكون في صالح الأقلية التركمانية التي تحتاج الى دعم العرب الذين هم لوحدهم سواء كانوا من السنة والشيعة يمكن لهم أن يجعلوا الأمور في نصابها.
المهم هو التركيز على مستقبل الدولة وتأمين وضع الأقليات، ولابد من ضمان حقوق الكرد والتركمان والعرب من السنة والشيعة وهذا هو الحل الأمثل ليكون بديلا عن صراع مميت قد لاينتهي في فترة قليلة.