لأن الاسلام هو العنوان الوحيد للعدالة على الارض كما ستؤكد نهاية الزمان المهدوية، ولأنه كشف عن حضارة عريقة وعميقة تزداد حيوية ونشاطا، وعن قيم سامية تزداد انتشارا وشيوعا مع مرور الايام، ولأن عمليات الغزو الثقافي والتدجين الاستعماري ومحاولات تغريب المجتمعات الاسلامية، بقيادة فريق الحكام التابعين فشلت الى حد كبير في تحقيق اهدافها، ولأن الادارة الاميركية المتصهينة وحلفائها الذين يدورون في نفس فلكها نشروا الإرهاب والرعب والذعر في العالم، في سياق حروب السيطرة والهيمنة على الشعوب المستضعفة، وحتى لا تُكشف الحقيقة التي قد تضطر معها اميركا لرفع الاقنعة، وحتى لاتسقط شعارات الديمقراطية وحرية التعبير واكذوبة الدولة المدنية وحقوق الانسان وغيرها من اكاذيب وشعارات الحضارة الغربية المتهاوية، حتى لا يتكشف كل ذلك لابد من خلق عدو مفترض تُلقي عليه اميركا وحلفها ومن خلفهم الحكومة العالمية العميقة التهمة، وتصوره متلبسا بالجريمة وليبدو معه ادعياء الحضارة الغربية ملائكة رحمة واصحاب رسالة انسانية، ترفض الاساليب العنفية وتسارع لانقاذ الشعوب المستلبة الارادة من تداعيات اساليب وافعال الحركات الارهابية التي تنتمي الى دين قرو- وسطي، يتخذ من العنف والارهاب وسيلة لترويج افكاره والدفاع عن قضاياه ومواجهة معارضيه كما تصوره الصهيونية العالمية، دين لابد من اخضاع ابنائه وترويضهم وتصفية تطلعاته وشطب أهدافه والوسيلة الفضلى لذلك هي الصاق تهمة الارهاب به لاسقاطه وتشويه صورته ولصرف الناس عنه. فآخر الدراسات الغربية اكدت ان المسلمين هم الاكثر نمواً في العالم وخصوصا العالم الغربي، ومرشحون خلال سنوات ليكونوا الغالبية في الغرب فلابد من استحداث طرق جديدة لمحاصرتهم وعزلهم ومنع نموهم وتمددهم وانتماء الناس اليهم.
مع اندلاع الحريق العربي بدأ موسم “عولمة الارهاب” عبر ابراز التيارات التكفيرية بعد تنسيق وتفاهم بين المخابرات الغربية وقادة الحركات الاخوانية والسلفية، لغرض استلامها الحكم في مصر وتونس وليبيا والسعي له في العراق وسوريا وغيرهما، والغاية هي الترويج لاسلام مشوه يدفع الناس للثورة ضده (مصر نموذجا) وعودة الشعوب العربية عن قناعة للتمسك بالانظمة العلمانية العميلة بنسختها الجديدة.
واصلت المخابرات الغربية ومنها الفرنسية تهيئة المناخات لانتشار الفايروسات التكفيرية والسلفية في العالم وخلقت لها الاجواء وخففت عنها الضغوط ووسعت لها دائرة الحركة ودفعتها للواجهة بل وفرت لها الدعم على مستوى اعادة التنظيم والترويج للافكار واجتذاب المتطرفين وتسهيل تصديرهم الى سوريا والعراق في لعبة قذرة تأتي في سياق الصراع الحضاري مع الاسلام وتصفية التوجهات الثورية الناشطة في المنطقة والمعادية للهيمنة الغربية وفي اطار حروب النفط والغاز وخطوط نقلهما.
كل المؤشرات والتصريحات والمواقف وتطور مسار المعارك في العراق وسوريا يدل على قرب نهاية مشروع داعش في المنطقة والهجوم على صحيفة شارلي ايبدو حادث محسوب صهيونيا وغربيا اعطى اشارة لنهاية مرحلة داعش وبداية مرحلة استكبارية جديدة ستكون بدايتها مزيدا من الضغوط والقيود على المسلمين والازدراء بهم وخلق رأي عام غربي مضاد لهم سيزيد الهوة والشرخ بين المسلمين الغربيين ومجتمعاتهم وسيعطي زخما كبيرا للحكومات الغربية على المستوى الشعبي والسياسي والاعلامي اما على المستوى الاهم مستوى المسار العسكري فسيعطي دافعا قويا لحلف الناتو بقيادة اميركا في المضي بخطط اعداد جيوش الطوارئ الجديدة المعارضة للحكومات في العراق وسوريا التي بدأ بتدريبها وتهيئة الساحة لها منذ اشهر وربما زيادة الحضور العسكري المباشر في هذين البلدين وحجة مدعومة دوليا لتغيير خططه بشأنهما!! والذي قد يكون هو الهدف الرئيس من كل ماحدث في فرنسا وما قد يحدث مستقبلا فيها وفي غيرها من الدول الغربية.
فهل نحن امام بوادر ومقدمات حرب صليبية جديدة – كما سماها بوش الابن عام 2001 – بعد حادثة او مسرحية شارلي ايبدو، التي كان الدواعش فيها عبارة عن ممثلين حمقى تم استدراجهم واستئجارهم دون علمهم، مسرحية تعيد اجواء واحداث ما بعد مسرحية 11 ايلول 2001 التي دفعت اميركا لغزو افغانستان والعراق، وغيرت توجهات الرأي العام الغربي، وبدأت معها اكبر حملة في التاريخ لتشويه الاسلام والاساءة الى رموزه ومقدساته وشن الحروب على بلدانه؟.