ما إن أعلنت الولايات المتحدة عزمها على التصدي لداعش وإنها تعمل على إعداد إستراتيجية المواجهة إلا وسارعت دول عدة لركوب الموجة والانضمام إلى هذا الحلف كما سارعت شخصيات وزعامات ليعرضوا خدماتهم على الأمريكان .
نحن لا نختلف مع احد في أن داعش تمثل تهديدا حقيقيا للسلم والاستقرار في المنطقة ولكن لا بد من الانتباه إلى كيفية التعامل مع الموضوع وإلا كنا كمن يحاول قتل ذبابة بمدفع.
ابتداءً … للولايات المتحدة تاريخ سيء جدا في تعاملها مع قضايا العالم الإسلامي ولد ردة فعل واسعة وشكوك في كل ما تقدم عليه ، فبخلاف مواقفها في كثير من دول العالم ومساندتها لجهود ترسيخ الديمقراطية فيها إلا إن الأمر يختلف عندما يتعلق بالعالم الإسلامي إذ نجدها منحازة للأنظمة المستبدة والديمقراطيات الزائفة ، لذلك فهي في حلف دائم مع كل المعادين للعملية الديمقراطية في العالم العربي وبعض العالم الإسلامي .
هذه الحقيقة لا يدركها كثير من الغربيين فيتساءلون لماذا يكرهنا المسلمون ، وهم واهمون في هذا الظن فالمسلمون يكنون تقديراً واسعا للغرب وثقافته وقيمه ولكنهم يستغربون لماذا يتنكر الغرب لقيمه عندما يتعلق الأمر بالمسلمين.
الأخطر من ذلك إن أصوات الساسة الأمريكان سرعان ما تحولت من التعريض بداعش إلى التعريض بالإسلام دون تفريق فتساوى عندهم المعتدل والمتطرف دون إنكار حقيقي من ساسة الولايات المتحدة على هذه الاصوات النشاز.
نخلص من ذلك إن هناك تصاعداَ في الشكوك حول ماهية خطط الولايات المتحدة ومن هو المستهدف بسياساتها .
الأمر الثاني إن الفكر الذي تستند إليه داعش هو امتداد لفكر سلفي غذته المملكة العربية السعودية على مدى عقود طويلة ثم غذت بعد ذلك اتجاهات السلفية الجهادية عندما احتاجتها في أفغانستان بالدعاة والأموال لتحقيق أهداف سياسية وساهم الدعاة السعوديون في ذلك مساهمة بعيدة المدى .
وقد تكونت الآن مدرسة فكرية لها أتباع كثيرون لفتاواها أثر كبير في مواقف الشباب ، فكيف يمكن التصدي لداعش دون التصدي لفكرها ؟
المنطق يقول إن على الولايات المتحدة أن تستعين باتجاهات الفكر الإسلامي المعتدل لتتصدى لتيارات الفكر السلفي الجهادي و تجفيف منابعه ولا يتحقق ذلك في جانبه المادي فقط بل إن جانبه الفكري يكتسب الأولوية الأولى .
ولكن الولايات المتحدة بدل من ان تستفيد من تيار الفكر الإسلامي المعتدل إذا بها تشن حربا عليه في كل مكان متحالفة مع دول كالسعودية والإمارات وهي داعمة أصلا للفكر الجهادي السلفي فكيف يستقيم الأمر وكيف يمكن لها تحقيق النجاح ؟
إن الحملة الأمريكية وان كانت في أولها إلا إنها بدأت تعطي رسائل خاطئة وتصورات إنها حرب على الإسلام لذلك نجد مزيد التفاف وتعاطف مع داعش في العديد من البلدان الإسلامية .
وقد يهتز الضمير العالمي وهو يرى داعشاً تذبح عددا من الغربيين ، ولكن الضمير الإسلامي يهتز أكثر من ذلك بكثير وهو يرى عشرات بل مئات من الأطفال والنساء يقتلون ويحرقون بآلة الحرب الأمريكية دون حتى اعتذار .
قبل أن نبدأ بمعالجة آثار مشكلة داعش لا بد من معالجة أسباب نشوء داعش وما عوامل الإغراء التي تمثله لينتقل آلاف الشباب من الغرب لينظموا إلى عشرات آلاف أخرى من أبناء الشرق فيحملون السلاح ويضحوا بأنفسهم من اجل هدف صاغوه وأصبحوا مستعدين للموت من اجله !!.
للأسف فان العراق هو ساحة المعركة اليوم والسياسة الأمريكية ستترك آثارها على العراق وعلى العراقيين فان كانت السياسة خاطئة فسندفع ثمنا باهظاً بسببها .
اعتقد هذه هي بداية الطريق وعلى ساسة العراق رغم حاجتهم للعون الأمريكي أن يجعلوا الإدارة الأمريكية تفهم حقيقة الصراع الذي لا يمكن أن يكون عسكريا بحتاً .
اخطر ما نقل عن مسؤول أمريكي قوله إن هؤلاء الذين أتوا من الغرب ليقاتلوا مع داعش لا ينبغي لهم العودة ، الأمر الذي نخشاه انه سيكون هناك سيل لن ينقطع من هؤلاء المتطوعين في صفوف داعش وإننا مقبلون على حرب لا نهاية لها !!.