23 ديسمبر، 2024 12:37 ص

حرب تلد حرب صدام مرّ من هنا !

حرب تلد حرب صدام مرّ من هنا !

الكل منا اليوم يستذكر الرئيس العراقي صدام حسين ! ولا نجادل مطلقا ولا نبالغ بأنه كان ديكتاتور ولكنه كان صاحب مشروع اختلفنا معه أو اتفقنا ، وأسس بلدا قويا تهابه كل دول العالم ، وقضى على الطائفية المقيتة وعلى كل إشكال الفتن بين الأديان والقوميات والأقليات ، وحقق انجازات علمية وتعليمية متقدمة , والكل منا يعترف انه ارتكب أخطاء نعم ارتكب أخطاء ! ولكنه كان رجلا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ، ولعل الكثيرين من الذين يخشون من الخطر الإيراني حسب اعتقادهم ، يتباكون عليه اقصد دول الخليج كافة ، وصمد تحت حصار غربي ظالم ، ومناطق حظر جوي ، ومؤامرات معارضيه العرب

( المقصود الأنظمة ) والعراقيين لأكثر من 15 عاماً صعبة جدا , ولم ينكسر مطلقا ولم يصرخ ولم نسمع أو نقرأ أن وزيرا واحدا قفز من سفينته أو غرد خارج السرب أكثر من خمسين من كبار القادة العسكريين والأمنيين والوزراء والسفراء ظلوا إلى جانبه حتى اللحظة الأخيرة من حكمه ،

وواجهوا الجوع لاحقا ، وبعضهم قاد ويقود المقاومة للاحتلال ، وواجهوا إحكاما بالإعدام أو السجن المؤبد خلف القضبان ، ولم نشاهد أياً منهم ، وهم في قفص الاتهام ، في محاكمات صورية مزورة ، يتراجع في مواقفه ، أو يدين زعيمه ، بل كانوا شرسين في الدفاع عنه ، رغم أنهم يعرفون جيدا أن هذه الإدانة يمكن أن تنقذ أعناقهم من حبل المشنقة , الأمريكان أوفدوا رسلا إلى السيد طارق عزيز نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي الأسبق ليساوموه على إطلاق سراحه مقابل أن يتعاون معهم ، وينشق عن رئيسه ، ويدين نظام حكمه ، ويفشي إسراره ،

بل حتى لو شهد ضد النائب جورج غالاوي ، ولكنه رفض بإباء وشمم وهو المريض المقعد ، الذي يعالج من موسوعة من الأمراض ويواجه الموت في أي لحظة ، بعد أن اقترب من الثمانين من عمره , الشيء نفسه يقال عن الفريق الأول الركن سلطان هاشم وزير الدفاع وقائد الجيش العراقي ، فقد قاوم الإغراءات الأمريكية وما أكثرها وظل وفيا لزعيمه ، رافضا أن يدنس شرفه العسكري ، وبطولاته في ميادين القتال مع زملائه من الضباط الآخرين بالتعاون مع المحتلين , حتى الوزراء المدنيون الذين لم يجد الاحتلال ما يدينهم به ، وغادروا العراق إلى المنافي ، لم ينطقوا بأي كلمة تسيء لرئيسهم ، أو نظامهم ، وكان يمكن ، لو فعلوا ، أن يجنوا الملايين من الدولارات ، ولكنهم فضلوا الانزواء بعيدا عن الأضواء ، والاكتفاء بقليل القليل ، وبما يبقيهم وأسرهم على قيد الحياة وخير مثال على ذلك الأستاذ الكبير تايه عبد الكريم وزير النفط العراقي الأسبق و احد كبار قادة العراق السياسيين في سبعينات القرن الماضي الجالس حاليا في العاصمة الأردنية عمان وهو بحاجة إلى مبلغ بسيط طلبه من ابن أخته لشراء جهاز لقلبه المتعب هل تصدقون ذلك , ونضرب مثل لأثنين من هؤلاء ، الأول السيد محمد سعيد الصحاف وزير الخارجية والإعلام العراقي الأسبق ، والثاني الدكتور ناجي صبري الحديثي ، الذي خلفه في المنصب كوزير للخارجية حتى احتلال بغداد ، الأول في مدينة أبو ظبي حيث يعيش حياة هادئة ، والثاني في الدوحة حيث عاد إلى التدريس في جامعتها ، براتب متواضع جدا ، وعلمت انه أحيل إلى التقاعد هذا العام , الوزيران لم يتحدثا بكلمة سوء عن نظامهم أو زعيمهم ، وكان بإمكانهما أن يفعلا ، فهناك من يتحرق شوقا لذلك ، فالنظام انهار ، وزعيمه وقف كالجبل إمام حبل المشنقة صارخا بالنصر للأمة ، والعراق العظيم ، وقضية فلسطين ، أي انه ليس هناك ما يخافان منه ، ولكنه الوفاء ، هذه العملة النادرة التي لا نجدها حاليا عند معظم المحيطين بالأنظمة العربية ، جمهورية كانت أو ملكية ، بعد أن ضاقت الفروق بينهما في السنوات الأخيرة ,

لا أسف على أنظمة اختارت النفاق والمنافقين ، ووعاظ السلاطين بطانة لها ، فهي على أي حال ، وبسبب ممارساتها القمعية ، وتوغلها في نهب المال العام ، لا تستحق غير هؤلاء ، بل لا تستطيع أن تحكم بغيرهم ، ولا يمكن أن تنتهي بغير النهاية المذلة والمهينة التي نراها حاليا لهؤلاء الذين سقطوا أو من ينتظر …