تميزت الأعوام 1945-1946 من القرن العشرين بتغير أساسي في السياسة الخارجية الأمريكية ويعز بعض المؤرخين ذلك التغيير إلى السياسة التي اتبعها الرئيس الأمريكي ترومان بعد الحرب العالمية الثانية حيث اتبع سياسة الموازنة بين دور المؤسسات ودورة كرئيس لأمريكا . لم يواجه رئيس في بداية مهامه من المشاكل كالمشاكل التي واجهها الرئيس ترومان فما كادت تنتهي الحرب في أوربا حتى بدأت حربا أخرى (الحرب الباردة) مع الاتحاد السوفيتي الذي عدته أمريكا اقسي على الرأسمالية من هتلر نفسه إذا ما عرفنا أن الأمريكان هم أخر من اعترف بالنظام الشيوعي في روسيا , استمرت تلك الحرب بين الدولتين عدة عقود وفي عام 1991 انتهت تلك الحرب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي .
كانت إيران قبل الحرب وفي بدايتها تحكم من قبل الشاه رضا بهلوي , وفي عام 1941 استلم الحكم ابنة محمد رضا بهلوي , أصبح موقع إيران حرجا وخطرا لكلا المعسكرين إثناء الحرب العالمية الثانية , وفي 29كانون ثاني 1942 وقعت اتفاقية بين بريطانيا وروسيا تعهدت بموجبة الدولتان المحتلتان بالدفاع عن إيران حيال أي عدوان , أما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية فقد وافقت أمريكا وبريطانيا على انسحابهما من إيران ثم وبشكل مفاجئ أعلنت روسيا في آذار عام 1946 بسحب جيوشها من إيران .
دخلت إيران ضمن النفوذ الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية فلم تكتفي أمريكا بالحصول على النفط الإيراني فقط بل عملت على زيادة نفوذها عن طريق تقديم النصائح والخبرات الفنية والعسكرية لها , إضافة إلى تزويدها بالأسلحة لتصبح بذلك إيران كلب الحراسة في الشرق الأوسط لحراسة مصالح أمريكا في الخليج قبل الثورة الإسلامية عام 1979. أما بعد الثورة الإسلامية فقد تدهورت العلاقات بين إيران وأمريكا منذ ذلك التاريخ ولحد ألان وخاصة بعد البرنامج النووي الإيراني .
حلت السعودية محل إيران في حماية المصالح الأمريكية بعد الثورة الإسلامية عام 1979 في منطقة الشرق الأوسط وبدأت حقبة جديدة من الصراع بين الدولتين (السعودية وإيران) كالحرب التي حدثت بين أمريكا وروسيا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية . خاصة مع وجود المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط والتي تتركز في منطقة الخليج العربي المجاورة لإيران .
استبدلت أمريكا إيران بعد الثورة الإسلامية بإسرائيل والسعودية فأصبحت الإستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط تقوم على تقوية النظامين السعودي والإسرائيلي بأحدث الأسلحة (مع الحفاظ الدائم على التفوق النوعي لإسرائيل) , كما سيطرت أمريكا على دول الخليج وخاصة السعودية من خلال قواعدها العسكرية وهيمنتها على النفط . وعقدت أمريكا والسعودية اتفاقيات عسكرية واقتصادية لقاء تمتع السعودية بالحماية الأمريكية الدائمة .
استخدم الإعلام كسلاح فعال في الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي وأمريكا منذ بداية تلك الحرب إلى نهايتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 , كما استخدم في الحرب الباردة بين إيران والسعودية ايظاً وكان سلاح أكثر فاعلية خاصة مع تطور وسائل الإعلام والتقنيات الحديثة مع ظهور شبكة الانترنيت والبث التلفزيوني عبر الأقمار الصناعية , وفي الآونة الأخيرة أصبحت السعودية وإيران تنتج أفلام كارتونية افتراضية تزعم فيها إيران والسعودية بان احدهم تمحي الأخرى من الوجود بأسلحة فتاكة , تلك الأفلام التي لا يتعدى وقتها الدقائق كان لها تأثير على الدولتين خاصة وان الحرب بينهما لا تزال مستمرة مع وجود قوى خفية تقودها أمريكا تأجج الصراع باستمرار بين الطرفين .
انتهت الحرب الباردة بين اكبر دول العالم بعد أربع عقود ويبقى هنالك سؤال يفرض نفسه باستمرار تتفرع منه عدة أسئلة ويحتاج إلى الإجابة ألا وهو متى تنتهي الحرب الباردة بين إيران والسعودية وهل هنالك احتمال بتطور تلك الحرب وتأجيجها من قبل الدول التي لها مصالح بالمنطقة لتتحول إلى حرب مواجهة بين الطرفين لننتظر ونرى إلى ما سيئول الموقف بين الطرفين خاصة مع امتلاك إيران للبرنامج النووي والأسلحة الحديثة والاقتصاد القوي والموقع الجغرافي والقيادة الجيدة إضافة إلى النفط بالمقارنة مع السعودية التي تفتقر إلى العديد من هذه المقومات التي تجعها قادرة على مواجهة إيران في الوقت الحالي .