يتغير السيناريو الامريكي في سوريا والعراق بتغيير الواقع على الأرض ،إذ انه يأخذ أحيانا أشكالا ضبابية تمويهية ،تفرضها نتائج الحرب التي يشهدها العراق وسوريا ،ويتحكم في كل منهما من يمسك الأرض ،في حين يفقدها من يقاتل بالإنابة ،ففي العراق ،تشهد الانبار حربا حقيقية بين ثوار العشائر التي يسميهم نوري المالكي وقادته العسكريين ب(داعش) ،وبين جيش المالكي المكون من الجيش الدمج(ميليشيات سابقا قبل الاحتلال كانت تقاتل مع الخميني ضد العراق في حرب ألثمان سنوات)،وميليشيات طائفية مسلحة ومدربة وممولة مرتبطة مباشرة بقاسم سليماني عسكريا ،مثل عصائب أهل الحق وحزب الله العراقي ومنظمة بدر والحرس الثوري الإيراني ،مضى على هذه الحرب أكثر من أربعة أشهر دون أن تحقق قوات المالكي أي تقدم على الأرض ولم تستطع دخول شبر واحد من الفلوجة ،وقدمت آلاف الضحايا وعشرات الطائرات ومئات الدبابات والهمرات المحترقة في شوارع الانبار واقضينها ونواحيها ،بالرغم من وجود أكثر من أربعة فرق عسكرية كأمله هناك عدا الميليشيات الطائفية ،وتوسعت هذه الحرب لتشمل جميع المحافظات المنتفضة في نينوى وديالى وصلاح الدين وكركوك وأطراف بغداد وحزامها المسيطر كليا على ارض المعركة،كل هذه الحرب تجري بحجة داعش ،والتي صدقها الجبان اوباما ورهط إدارته ،فأرسل الطائرات والصواريخ والأسلحة الحديثة والعتاد (14مليون قذيفة)،إلى جيش المالكي ليشاركه في قتل أبناء العراق تحت أكذوبة وفرية داعش،والتي فضحها أكثر من مسئول عربي وأجنبي وعراقي واعترافات وشهود عيان ،وآخرها اعتراف قائد القوات الأمريكية السابق جورج كايسي في مؤتمره حين قال (إن إيران وميليشياتها هي وراء التفجيرات والاغتيالات والتهجيرات والاعتقالات في العراق ومنها تفجيرات الإمامين العسكريين في سامراء) ، إذن ما يجري في العراق هي حرب أمريكية –إيرانية بامتياز ضحيتها الشعب العراقي الجريح ،تنفذ لأجندة إقليمية ودولية تخدم المشروعين الامريكي(إقامة الشرق الأوسط الكبير) ،والمشروع الإيراني ألصفوي التوسعي(الهلال الشيعي)، الذي تحدث عنه يحي رحيم صفوي مستشار خامنئي حينما صرح بان حدود إيران تصل إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط في الجنوب اللبناني ،ومن حقنا أن نسأل إدارة اوباما التي تتخبط في سياستها الفاشلة في المنطقة ،كيف يدعم ويسلح عسكريا وإعلاميا ثوار الجيش الحر وجبهة النصرة وغيرهم في سوريا ويعتبرهم ثوارا ومعارضين لنظام الأسد ويستقبل السيد احمد الجربا رئيس المعارضة في البيت الأبيض ،في حين يعتبر ثوار العشائر العراقية (داعش وإرهابيين )، أليست هذه جزء من اللعبة القذرة للسيناريو الامريكي-الإيراني في كل من سوريا والعراق ،أما في سوريا فإدارة اوباما تعتبر حزب الله والميليشيات العراقية والحرس الثوري المساند والمشارك علنا في الحرب مع نظام الأسد (غير شرعيين ) لاحظوا كلمة غير شرعيين ولم يقل (إرهابيين يقتلون الشعب السوري هناك ) هذه الازدواجية لها ما يبررها لاوباما فهو يثبت على نفسه أمام العالم انه شريك حقيقي هو وإيران في قتل الشعبين العراقي والسوري،بغض النظر عن حكوماتها ،فهما قوة أجنبية محتلة غاشمة لكلا البلدين ،ولكن أيضا نسأل لماذا سكوت الأسد-المالكي على هذا التدخل الوقح لإيران وواشنطن في الشؤون الداخلية ،الجواب لا يحتاج الى تفكير عميق لان كرسي الحكم أهم من دماء الشعب السوري والعراقي،فما يجري في العراق وسوريا حرب إبادة حقيقية (ضرب المدن بالصواريخ والطائرات والبراميل المتفجرة والراجمات وإغراق المدن بالمياه وتهجير مئات الآلاف من العوائل طائفيا على الهوية وقتلهم او من جراء الغرق )،كل هذا يجري أمام أنظار العالم ومجلس الأمن والأمم المتحدة والجامعة اللاعربية الهزيلة نسيت والله اسم أمينها اللاامين (العربي اللاعربي)،ناهيك عن صمت الحكام العرب المطبق وكأن الحرب تجري في المريخ وليس هم احد أهم أسبابها ،هذه اللعبة الدولية والمؤامرة الدولية التي تنفذها أمريكا –إيران على العراق وسوريا بغض النظر عن موقفنا من حكامها وتبعيتهم الذليلة الى أمريكا وإيران ،هي مؤامرة حذر منها العراق منذ السبعينيات ،في مؤتمر عدم الانحياز في هافانا ،وقال إن الامبريالية العالمية لديها مشروع الهيمنة على نفط الشرق الأوسط وضمان امن إسرائيل والسيطرة على المياه الدافئة ،وبالرغم من أن البعض لا يؤمن بنظرية المؤامرة وهو واهم جدا إلا انم اخطط له وما حذر منهم قد نفذ بالكامل الآن ،وما زالت ذيول المشروع قيد التنفيذ ،وها هو يخرج إلى العلن على لسان قادة إيران (المشروع التوسعي الشيعي الصفو ياي الهلال الشيعي) ،والمشروع الامريكي العسكري،فقد تلاقت المصالح الأمريكية –الإيرانية ( فقالت إيران لأمريكا خذوا النفط العربي كله واضمنوا منا امن إسرائيل وأعطونا الحكم في سوريا والعراق ولبنان والمنطقة واليمن )هذا الشعار وحد الخطاب الامريكي-الإيراني للعبث بالمنطقة ومنها العراق وسوريا بوصفهما رأس الحربة في المنطقة ضد المصالح الأمريكية،هكذا تلاقت المصالح فحولت المنطقة الى بركان نفط متفجر تفوح منه رائحة الطائفية والعرقية والمذهبية والقومية وهي الطريق الوحيد الذي ضمن لأمريكا وإيران من اختراق شعوب المنطقة واحتلالها ،ولكن هل سيتكرر السيناريو الامريكي هذا في اوكرانيا وينجح بإخراج روسيا من جزيرة القرم وإعادتها الى اوكرانيا ،علما ان التحالف الروسي –الإيراني –الصيني هناك أقوى وأشرس ،إلا بقيام الحرب العالمية الثالثة التي تهيئ لها أمريكا هناك مع حلفائها الأوروبيين ،ففي جزرة الفرم ستتحطم أسطورة امريكا التي لا تقهر وستهزم ولم تعد بعدئذ أمريكا العظمى قائدة العالم ،فموازين القوة هناك غيرها في منطقتنا العربية الهزيلة المفككة ،لان وهم القوة الأمريكية سيتحطم هناك أمام قوة الوهم الروسي ،فحرب القرم يا اوباما ليس حرب الانبار التي تستأ سد أنت والمالكي عليها ..إنها الحرب القذرة .