مشهد سياسي متأزم في العراق تسوده الخلافات والصراعات بين الفرقاء السياسيين في تضارب المصالح وسعي كل طرف للإطاحة بالأخر والحصول على مزيد من المكاسب السياسية ، والشخصية، الأمر الذي أدخل البلاد في نفق مظلم لا يوشك لها الخروج منه ، وانعكس على جميع المجالات ، فشهدت تراجعا غير مسبوقا على كافة المجالات
وعلى اثر هذا السباق السياسي المحموم اهملت كافة قضايا البلاد وشؤون العباد حيث يشهد العراق اليوم تدهورا اقتصاديا حاد وازمة اخلاقية وسياسية واجتماعية تعرقل كافة الجهود الوطنية للارتقاء بالمستوى الخدمي والمعيشي للمواطنين وتعرقل المشاريع الإصلاحية لمؤسسات الدولة حيث تحولت كافة وزارات ومؤسسات الدولة الى مؤسسات استهلاكية في غياب الانتاج الوطني والدور الرقابي المسؤول دولة تسير بلا منهجية وبلا خطط وبلا ادارة مركزية من قبل قطعان جواميس جائعة تحكم العراق وكل همها الأكل والتنعم بمراعيه الخضراء بصورة غريزية من دون تفكير او تدبير. فتتم عملية تسيير المؤسسات بصورة عفوية وروتينية من دون رؤية استراتيجية والعراق اليوم عرضة للهزات والانكسارات والتراجعات في المعدلات العامة للاستقرار الامني وللنمو الاقتصادي والصحي والخدمي والتعليمي وتهدده الكوارث المستقبلية بمؤشرات خطيرة جدا وخاصة ما يهدد العراق اليوم من كارثة انسانية وبيئية قادمة حيث
تتعرض محافظات جنوبي العراق إلى أزمة مياه هي الأكثر سوءا منذ سنوات وباتت تهدد بتوقف مشاريع المياه الصالحة للشرب بعد أن أثرت بشكل كبير على جميع الأنشطة الزراعية في المحافظات التي تعتمد على مياه نهري دجلة والفرات.
ويعاني العراق منذ سنوات من انخفاض متواصل من الإيرادات المائية عبر نهري دجلة والفرات، وتفاقم أزمة شح المياه كذلك تدني كميات الأمطار المتساقطة في البلاد على مدى السنوات الماضية
ويشير “التقرير الخاص بالمياه الى انخفاض الايرادات المائية ولكن من دون ان يشخص السبب الا وهو السدود العملاقة التي انشأتها تركيا خلال العقدين الماضيين وابرزها سد السو وهي السدود التي استنزفت الحصة المائية للعراق بشكل شبه كامل.
بناءا على ذلك كان من آخر المشاريع العملاقة التي وضع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الحجر الأساس لها هو مشروع سد “اليسو العملاق” الذي يبلغ منسوب ارتفاعه (530م) اما منسوب الخزن الفيضاني الاعلى فهو (528م) فيما يبلغ منسوب الخزن الاعتيادي للسد (525م) وحجم الخزن الكلي هو (11.40) مليار متر مكعب والمساحة السطحية لبحيرة خزان السد هي (300) كلم مربع، وسيولد السد طاقة كهربائية تصل إلى 1200 ميگا واط وطاقة سنوية تبلغ 3830 كيلو واط، ويعد سد اليسو اكبر سد سينشأ على دجلة وتبلغ تكاليف انشائه (1.2) مليار دولار وهو محط جدل كبير ومناقشات من دول الجوار منذ فكرته الاولى في نهاية السبعينيات بسبب تأثيراته السلبية العديدة والكبيرة في عدد من المدن الكردية في تركيا وازالته مواقع آثارية وتاريخية مهمة آشورية ورومانية وعثمانية، وتأثيراته الشديدة السلبية على العراق”
حيث ان كميات المياه الواردة إلى العراق في نهر دجلة ستتاثر بشكل كبير عند اكمال تنفيذ مشروع سد اليسو حيث سيتحكم السد في تحديد كميات المياه المطلقة إلى العراق، وان الوارد المائي الطبيعي لنهر دجلة عند الحدود العراقية–التركية هو (20.93) مليار متر مكعب/سنة وفي حالة تنفيذ المشاريع التركية، فان من المتوقع ان ينخفض هذا الوارد إلى (9.7) مليار متر مكعب/سنة وهو يشكل نسبة 47% من الايراد السنوي لنهر دجلة وان مثل هذا النقص له انعكاسات خطيرة للغاية على العراق في مجالات (الزراعة ، الشرب، توليد الطاقة، الصناعة وبدرجة كبيرة انعاش الاهوار والبيئة).