11 أبريل، 2024 10:13 ص
Search
Close this search box.

حرب المصطلحات والمفاهيم

Facebook
Twitter
LinkedIn

لو اردنا ان نعمل “حسابات ختامية” لعقد كامل من السنين فماذا نجد؟. “التحرير” بحراب الاجنبي  تحول  الى “احتلال” من جهة وحرب تحرير بالحراب الوطنية من جهة اخرى. الاميركان الذين حرروا المتحالفين التاريخيين بذات الاسلحة الاميركية التي يشهرونها الان بوجه بعضهم في المناطق “المتنازع عليها” يبدو انهم تخلوا عنهم . الحسابات الختامية التي فشلت الحكومة على تقديمها للبرلمان منذ اعوام وحتى اليوم لاتحتاج الى “روحة للقاضي”. نصف ترليون دولار هي مجموع موازنات العراق حيث السؤال لايزال مطروحا.. اين ذهبت؟ والاجابة لاتحتاج الى دليل لا “الولوووو” ولا سواه. فالماء والكهرباء ووجوه مدننا الحسناء من كثرة صبغ الارصفة هي الدليل.
النصف ترليون ليست وحدها هي من ضاعت بين ملفات الفساد والافساد. بل يضاف لها 200 مليار دولار هي مجموع ما تم نهبه عبر مزاد العملة في البنك المركزي. وقبلها مليارات بريمر التسعة وبعدها مليارات مكتب الاعمار الاميركي الـ 24 مليارا وحبل المليارات المنهوبة عينك عينك  و خشمك خشمك على الجرار.
بعد هذه الحسابات المليارية الختامية فمالذي قبضه العراقيون؟ قبضوا المصطلحات والمفاهيم التالية واولها مصطلح  “العرب السنة” الذي “صعد سوقه” الان بعد ان تحول مصطلح “التحالف الشيعي ـ الكردي” الى مادة للتداول الاعلامي في برنامج “استوديو التاسعة” من على قناة البغدادية. واذا كانت “المحاصصة” وهي اكثر المصطلحات خيبة بعد عام 2003 هي الاشهر فلقد نتج عنها ولاول مرة تحويل قوميات واديان ومذاهب الى مصطلحات مثل الكرد الفيلية الذين هم شيعة كرد بينما يتنازع الكرد والشيعة  مصطلحا اخر هو “الشبك”. والامر نفسه ينطبق على اليزيديين او الازيديين. والفرق بين المصطلحين هو في الانقسام العرقي والديني.
 حرب المصطلحات امتدت الى الجغرافيا. فكركوك متنازع عليها عبر مصطلح خصصت له مادة في الدستور. العرب يرونها عراقا مصغرا والاكراد يطلقون عليها “قدس اقداس” كردستان. مصطلح اخر بات هو الاكثر تداولا الان وهو “المركز والاقليم”. واذا كان الجماعة قد قرعوا رؤوسنا بمصطلح “التداول السلمي” للسلطة عبر “صناديق الانتخاب” فقد فوجئوا بمصطلح جديد وبـ “الباكيت” وهو “الاجراءات غير المسبوقة”. وقبل هذا وذلك تداولنا كثيرا مصطلح “المليشيات” و”الدمج” و”الحواسم” بالاضافة الى الصراع الطائفي والمقاومة  من جهة والارهاب من جهة اخرى.
 وليس بوسع اي مواطن عراقي ان ينسى واحدا من اكثر المصطلحات خوفا وارباكا للجميع وهو “المربع الاول”. ولان هناك من يقرع الاجراس في مناطق التماس والتي بلغت حد استخدام مصطلح “العدو” فان شبح العودة الى المربع ما قبل الاول يلوح في الافق. الحشود العسكرية ولغة الجنرالات طغت على لغة ما ظل يسمى طوال السنوات التسع الماضية بـ “التوافقات”. واذا اعدنا فحص كل ما اشرنا اليه من مصطلحات ومفاهيم فان السبب الاول والاخير فيما نعانيه من فشل سياسي متراكم ان الجميع فشلوا في ان ينتقلوا من لغة المصطلحات والمفاهيم الى لغة العمل اليومي المنتج. لقد نحتنا المصطلحات في محاولة للتعمية على الفشل من خلال اتباع سياسة ترحيل الازمات واذا بنا نعلق وطنا كاملا على مشجب اخفاقاتنا.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب