على الرغم من التقدم النسبي الذي تحققه القوات العراقية في حربها ضد تنظيم داعش في الموصل، لکن لايزال هناك الکثير من الشکوك و التوجسات بخصوص مرحلة مابعد القضاء على هذا التنظيم، خصوصا وإن هناك أوساطا تحذر من إن هناك سيناريو جديد لتنظيم جديد قد يعقب داعش، فيما ترى أغلب الاوساط بأن ميليشيات الحشد الشعبي التي تدين معظمها بالولاء المطلق لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، سوف لن تدع الشعب العراقي يذوق طعم الامن و الاستقرار لما ستقوم به من أعمال و ممارسات و إنتهاکات مختلفة ضده.
الملفت للنظر إنه وفي الوقت الذي تسعى طهران من خلال مخطط إدماج هذه الميليشيات ضمن الجيش العراقي لکي تضمن قوننتها، وفي الوقت الذي يزعم فيه البعض من السائرين على خطى”ولاية الفقيه”، من إن هذه الميليشيات قوات عراقية تدين بالولاء للعراق فقط، فإن النائب أحمد الاسدي، المتحدث بإسم ميليشيات الحشد الشعبي، أعلن عن رغبة هذه الميليشيات بأن تصبح قوة تشابه الحرس الثوري الايراني مٶکدا بأن”تحقيق هذه الرغبة سيحافظ على بنية النظام السياسي في العراق رغم التحديات”، وبطبيعة الحال فإن لهذا الکلام معناه و مدلولاته الخطيرة لأنها تسير بسياق ليس فقط تأکيد نفوذ و هيمنة نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في العراق وانما قوننته أيضا و جعله أمرا واقعا بخلاف إرادة و مشيئة الشعب العراقي و مصالحه الوطنية العليا.
ظهور و بروز تنظيم داعش و غيره من التنظيمات الدينية الارهابية المتطرفة سنية کانت أم شيعية، لها أکثر من علاقة مع نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، خصوصا وإن بروز دورها و تأثيرها کان بعد تأسيس هذا النظام ذللك إنه وقبل مجئ هذا النظام لم يکن هناك من تنظيمات إرهابية متطرفة بهذا الحجم و العدد و التأثير، کما إنه من المهم جدا لفت الانظار الى کل تلك التقارير المختلفة التي تناولت التعاون و التنسيق المستمر بين طهران و تلك التنظيمات المتطرفة حتى صار من المسلمات حقيقة إرتباط هذه التنظيمات بصورة أو بأخرى بالنظام الايراني.
منذ حزيران 2014، حيث إستولى تنظيم داعش وفي مخطط مشبوه کان للنظام الايراني و رجله في العراق وقتئذ نوري المالکي(رئيس الوزراء السابق)، دور کبير في ذلك، ولاسيما إنه قد أعقب تصاعد رفض نفوذ و هيمنة طهران على العراق و المطالبة بإنهاء تدخلاته السافرة، ويکفي أن نستدل من أن النظام الايراني هو من أکثر الاطراف إستفادة من وراء دخول داعش للعراق حيث إن دوره و نفوذه قد تصاعد بصورة إستثنائية وصلت الى حد قوننة الميليشيات العميلة التابعة له و جعلها القوة البديلة و المسلطة ليس على الجيش فقط وانما على الشعب العراقي کله، وهو مايمکن تشبيهه بما جرى و يجري في إيران.
مايجري في العراق بشکل خاص و المنطقة بصورة عامة حاليا يمکن تسميته بحرب الدواعش الذي يشرف عليه المشرف و المنسق الاکبر لکل التنظيمات الدينية المتطرفة في العالم أي نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية والذي کما أسلفنا المستفيد الاکبر من وراء ذلك، وقطعا فإن هذا النظام الذي تصفه زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي بأنه بٶرة التطرف الديني و الارهاب في العالم، سيبقى الخطر الاکبر على السلام و الامن و الاستقرار في العالم طالما إنشغل العالم بمحاربة أذرعه و فروعه فقط ولم يواجهه هو تحديدا.