في خضم التهديدات العسكرية وتصاعد وتيرتها ومدياتها بين الجمهورية الايرانية الاسلامية وامريكا بعد ارسال حاملات الطائرات ومنظومات صواريخ والمعدات العسكرية المتطورة الى منطقة الخليج ورفع درجات الانذار والاستنفار القصوى في القواعد العسكرية المنتشرة في المنطقة ، يعاضدها وجود الدوافع والمصالح الاستراتيجية الواضحة للعدو الصهيوني في هذه المرحلة وتساندها رغبة العديد من دول المنطقة في التصعيد المتبادل في الخطاب السياسي التحريضي ، والاجواء الحالية تذكرنا بالأجواء المشحونة التي عاشتها المنطقة قبل حرب الخليج الاولى والثانية وما صاحبها من اضرار كارثية وتداعيات ضخمة .
اليوم يقف الجميع على هاوية وحافة الحرب الاقليمية الرابعة المدمرة الطاحنة وفق سيناريوهات جديدة مرسومة في تشكيل ملامح جديدة للمنطقة باسرها . في قراءة بسيطة ان الحرب هي الفخ الذي سيسقط به جميع دول المنطقة دون استثناء وتعني الخراب والدمار التام والشامل لشعوبها ومقدراتها . مع ذلك نرى حملة محمومة باتجاه تغذيتها من قبل دول بعينها رغم علمها اليقين بنتائجها وعواقبها التي ممكن ان تمتد عشرات السنوات ، ولكن لا يبدو الامر مستغربا لان التجارب التاريخية للعديد من الحروب التي شهدتها المنطقة واصابها بالشلل ولسنوات عديدة ولم يمكن اصلاح آثارها على شعوب المنطقة بكاملها ، اثبتت بما لا يقبل الشك ان قرارات اتخاذ تلك الحروب تصدر من غرف الحرب للدول الكبرى ووفق مصالحها الاستراتيجية التي تبتعد كل البعد عن معاني الإنسانية والقيم الأخلاقية والمصالح الحقيقية لشعوب المنطقة ، ولم تكن دول المنطقة الا ادوات تنفيذية وتمويلية لحروب واستنزاف ثرواتها ويكون وقودها مئات الالاف من الابرياء الذين لا يملكون لا ناقة ولا جمل فيها .
ولكن الاندفاع المتسارع في زج العراق في دائرة النار وجعله عنصرا حتميا في الحرب المفترضة بحجج واهية وتلميحات ورسائل عدائية امريكية صريحة بمقاصدها التي تتناغم مع اصوات قرع طبول الحرب من اجراءات سحب ممثلين في السفارات او تعليق عمليات التدريب العسكري لبعض الدول يواكبها الرسائل الاعلامية المختلفة وخصوصا الاعلام العربي بمختلف عناوينه ، رغم ان الدماء العراقية لم تنشف بعد في الاراضي المحررة بعد انتصاره الناجز على الارهاب العالمي .
ان التوريط المفتعل للعراق محاولة خبيثة بعد فشل مسلسل داعش الدموي واهدافه في العراق لخلق الانقسامات بين مكونات الشعب العراقي وتعميق التخدقات والولاءات المتضادة والاستقطابات المتنافرة فيما بينها مما ينذر بتداعيات خطيرة على الموقف الوطني العراقي في المستويات السياسية الاجتماعية والاقتصادية . ويعلم الجميع مخلفات الاصطفافات على الاسس المذهبية والقومية التي طالما راهن عليها الاعداء في تمزيق النسيج المجتمعي والتي تبناها سياسيونا في السنوات الماضية وما الت اليه اوضاع العراق كافة .
والان الفرصة مواتية ان يكون العراق جزء من الحل ويبادر في تحقيق وساطة حقيقية لما يمتلك من مقومات ان يكون وسيطا دبلوماسيا فاعلا ويتوجه وفق مؤشر بوصلة مصالحه من خلال ايجاد معادلة توازن رغم صعوبتها لتشابك وتعقيد المصالح في احتواء التوتر ونزع فتيلة القنبلة الموقوته المتدحرجة على خارطة المنطقة بكاملها في ظل عالم اصابه الصمت المطبق مما يعطي اشارات سيئة للغاية في نهج المتحكمين في سياسات عالمنا باللامبالاة بالتعاطي مع الازمات التي ثمنها ارواح ودماء الابرياء في بقاع الارض والامثلة على ذلك كثيرة جدا ، حيث لم نسمع ولا صوت للمنظمات الدولية والامم المتحدة ومجلس الامن او القيام بالمبادرات التي طالما نسمع عنها لسحب فتيل ازمات اقل منها خطورة في عواقبها حيث تتسابق العديد من الدول في طرح الحلول لتفاديها ، ولكن اليوم التوتر لم يجد من دول العالم الكبيرة في الشرق والغرب الا الترقب لاشعال حرب الخليج الرابعة دون أن يكون لاحد منها موقف جاد لتفاديها وايجاد مناخ للحل والتفاوض ..