حرب الخليج الثانية حرب خاضها تحالف دولي بقيادة أميركا إثر غزو العراق للكويت 1990 بعد اتهامه لها بسرقة نفطه والتآمر ضده , دامت الحرب أربعين يوما، وأدت إلى إخراج القوات العراقية من الكويت ، وتدمير القدرات العراقية العسكرية والاقتصادية ، وفرض حصار قاسٍ على البلاد سبّب مأساة إنسانية كبيرة دامت سنوات .. ظلت منطقة الخليج منذ أن خرج منها الاستعمار البريطاني بالتدريج إثر الحرب العالمية الثانية – منطقة حساسة بالنسبة للحسابات الإستراتيجية الأميركية ، وكان الغزو العراقي للكويت
( حرب الخليج الثانية ) إحدى المحطات التي تبين جانبا من طبيعة التدخل الأميركي في هذه المنطقة , فقد كانت الولايات المتحدة تتخوف من السياسة العراقية في المنطقة لا سيما بعد خروج العراق شبه منتصر في الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988 ( حرب الخليج الأولى ) وامتلاكه أثناءها خبرات علمية وعسكرية صناعية قد تقوده في المستقبل إلى حيازة برنامج تسليح متطور يهدد المصالح الأميركية بالمنطقة المتمثلة في النفط وأمن إسرائيل , وقد برز إلى السطح منذ انتهاء الحرب مع إيران توتر شديد في علاقات العراق ببعض دول الخليج وخاصة الكويت، وتجلى ذلك في القمة العربية الاستثنائية التي عُقدت في بغداد يوم 28 مايو / أيار 1990 واتهم فيها صدام حسين الكويت بـسرقة نفط حقل الرملة العراقي” على الحدود بين البلدين , كما اشتكى العراق من أن الكويت زادت إنتاجها النفطي على الحصة المقررة لها من طرف منظمة أوبك، وهو ما سيؤثر على اقتصاد العراق ويخفض أسعار النفط التي كانت بغداد تطمح لارتفاعها إلى 25 دولارا للبرميل، لكي تجني موارد مالية أكبر تمكنها من إعادة إعمار ما دمرته الحرب ! ولذلك سلمت بغداد يوم 16 يوليو/تموز 1990 مذكرة إلى جامعة الدول العربية تتضمن شكواها بهذا الشأن , وفي 17 يوليو / تموز 1990 ألقى صدام خطابا -في ذكرى ثورة يوليو 1968 جدد فيه اتهام الكويت بالضلوع في “مؤامرة نفطية” ضد العراق، وهدد باستخدام “رد مناسب” ضدها. وفي حين نفت الكويت الاتهامات العراقية وطالبت العراق بسداد الديون التي أقرضته إياها خلال حربه مع إيران والمقدرة بمليارات الدولارات , وقد دفع السجال بين الطرفين الملك السعودي آنذاك فهد بن عبد العزيز إلى دعوتهما لعقد مباحثات في جدة للتوصل إلى حل بشأن خلافاتهما ؛ فعُقدت مباحثات يوم 29 يوليو/تموز 1990 بين وفد كويتي يرأسه ولي العهد حينها الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح ووفد عراقي برئاسة نائب الرئيس العراقي عزة الدوري، ولكن هذه الجهود الدبلوماسية ونظائرها لم تثمر في تخفيف حدة التوتر بين البلدين , والظاهر أن واشنطن اتخذت سياسة مزدوجة لاستغلال هذا التوتر، حيث شجعت ضمنيا السفيرة الأميركية لدى العراق يومئذ أبريل غلاسبي صدام حسين على تنفيذ تهديداته للكويت، وذلك حين قالت له -خلال لقائهما يوم 25 يونيو / حزيران 1990 إن حكومة بلادها “ليس لها رأي بشأن الخلافات العربية/العربية”. لكن أميركا تزعمت لاحقا التحالف المناهض للعراق عندما غزا الكويت , في الساعات الأولى من فجر يوم 2 أغسطس/ آب 1990 نفذ صدام رده المناسب باختراق جيشه ( أكثر من 20 ألف جندي ) الحدود مع الكويت من أربعة محاور ، وفي غضون ساعات استولت هذه القوات -مدعومة بسلاح الطيران العراقي- على العاصمة الكويت .. أكمل الجيش العراقي سيطرته على البلاد في يومين ، وأعلنت بغداد تحرير الكويت من حكم آل الصباح ؛ وفي 4 أغسطس / آب نصّبت حكومة جديدة للبلاد موالية لها دامت أربعة أيام وكانت برئاسة العقيد الكويتي علاء حسين الخفاجي (صدر عليه حكم غيابي بالإعدام عام 1993 عقب إدانته بـالخيانة والتآمر مع العدو في زمن الحرب ، ثم خُفف – إثر عودته إلى البلاد مطلع 2000 – إلى السجن مدى الحياة عام 2001 ) عقد مجلس الأمن جلسة طارئة في نفس اليوم لبحث غزو العراق للكويت ، وأصدر قراره رقم ( 660 ) الذي طالب فيه بانسحاب القوات العراقية من الكويت من دون قيد أو شرط ، ثم أتبع ذلك بجلسة أخرى يوم 6 أغسطس / آب 1990 أقر فيها عقوبات اقتصادية شاملة على العراق بقراره رقم (661 ) ثم تتابعت القرارات الأممية بعد ذلك في تشديد الخناق على العراق , وفي 7 أغسطس / آب 1990 أرسلت أميركا قواتها إلى السعودية بطلب منها لحماية حدودها مع الكويت والعراق بعد احتشاد القوات العراقية على الحدود السعودية الكويتية، وبذلك مهدت واشنطن لبدء مرحلة في الحرب سمتها عملية درع الصحراء .. وردا على تلك التطورات أعلن العراق في 9 أغسطس / آب 1990 ضم الكويت وأنها أصبحت المحافظة العراقية التاسعة عشرة، وأغلق كل السفارات الموجودة فيها وألغى كل سفاراتها في العالم , غيّر العراق اسم العاصمة الكويت إلى “كاظمة” قائلا إنها عادت إلى الوطن الأم ، ومحْييا بذلك مطالبات عراقية بالكويت تعود إلى لحظة استقلالها عن بريطانيا عام 1961، رغم أنه اعترف بها رسميا وبحدوده معها في 4 أكتوبر / تشرين الأول 1963 , وفي 10 أغسطس / آب 1990 عقدت الجامعة العربية قمة عربية طارئة في القاهرة لمناقشة الوضع المستجد، ورغم رفض أعضائها لاحتلال الكويت بالقوة العسكرية فقد تباينت مواقف دولها من التدخل العسكري الأجنبي لإخراج القوات العراقية من الكويت , ففي حين أيدت هذا التدخل 12 دولة تصدرتها دول الخليج ومصر وسوريا والمغرب، رفضته مجموعة أخرى في مقدمتها الأردن وليبيا والجزائر والسودان واليمن وموريتانيا ومنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات , وفي 11 أغسطس / آب 1990 وصلت إلى السعودية قوات مصرية وسورية للمساهمة في حماية الأراضي السعودية من أي غزو عراقي .. و لله ………………… الآمر