11 أبريل، 2024 7:04 ص
Search
Close this search box.

حرب الاستقلال الاقتصادي لتركيا معركة المصير

Facebook
Twitter
LinkedIn

في زمن يمور فيه العالم كله في موجة تضخم بلغت اعلاها في امريكا وبريطانيا (من دول الاقتصاد العالي) قبل اشهر وخلال العامين الاخيرين تحت تاثير ازمة الاغلاق بكورونا وتوابعها وماقبلها.
وفي زمن تستسلم الاقتصادات التابعة والدول المحكومة بالتبعية بسبب قيود الاتفاقات وعمالة الحكام ، ومصائد القروض وارتفاع نسبة الفائدة اجبارا تحت سيطرة الاقتصاد العالمي المسير من قبل القوى المتنفذة المسيطرة في العالم ، وارتفاع الاستيراد وقلة الصناعة والتصدير وعدم التامين الغذائي والدوائي الذاتي ،والانحدار العلمي والتعليمي والوضع الاستهلاكي البحت ، وطرد الكفاءات المحلية بسبب عسكرة الانظمة او احاديتها ، والرضوخ التام للعولمة الضاربة باطنابها ،، ويصدق ذلك اولا على بلدان العرب البائسة جميعا غنيها وفقيرها ، واغلب بلدان المسلمين ، وجميع بلدان افريقيا .
في هذا العالم المتمائج المثقل بالاعباء او المخدوع بالرخاء المجوف وثبات قيمة بعض العملات الذي لايسمن ولايغني من جوع الا بقدر خداع المرء لنفسه بحياة ذل وتبعية رخية الى حين .
تبرز تجربة تركيا الفريدة والجريئة وصراعها ضد النظام العالمي الاقتصادي القائم على المراباة والقيود الاقتراضية الاجبارية وادامة عجلة الاستيراد للدول الراضخة غنيها وفقيرها .
فان اطعت وسرت في قافلة (المرضي عنهم) فستثبت عملتك لعقود حتى وان كنت معدما من كل صناعة او زراعة او اقتصاد كالكويت وعمان او خلوا من كل مورد او ثروة كالاردن ومثله.
اما ان كنت تريد التحرر من قيود الاقتراض والابتعاد عن نظام المراباة او تؤمم صناعتك وتتمم زراعتك فستحارب في عملتك فيزيد التضخم وتضعف القدرة الشرائية لمواطنيك المحدودي الدخل ليظنوا ان دولتهم تسيء الاقتصاد ولا تعبأ بمواطنيها ، او انها دولة غارقة او جاهلة فينفضوا عنها او يتركوها ، حيث لايهم المواطن البسيط الا قدرته الشرائية ورغد العيش .
هذا مايحصل لتركيا اليوم ومنذ سنوات، فكما قال رئيسها الاصلاحي الاشهر في القرن الحالي ، “كان امامنا طريقان : التسليم والبقاء في ربقة التبعية والمراباة والاستيراد والتهديد او المضي في النمو والصناعة والاستثمار والتحرر من الفائدة والربا وهذا ثمنه مواجهة نظام “الشيطان ” الاقتصادي ،،،فاخترنا المواجهة”
ويظن ان النتيجة الابعد هي النجاح ودولة قوية مستقلة اقتصاديا اكبر ثقلا واوسع دورا في عالم لايعترف الا بالقوة والاستقلال ، وهو امر غير مستبعد بل هو اقرب للتوقع وفقا لمعطيات الواقع ، فرغم الحرب المستعرة ضدها فان نسبة النمو في تركيا اليوم هي 7% وهي الاعلى عالميا بعد الصين رغم كل الضغوط.
يريدون من تركيا ان تضع الاموال في البنوك وترابي وتعيش على فوائدها فقط دون استثمار ولاصناعة كما يغعل الغنم العرب ، وهنا لاتتقدم البلاد ولكنها قد تعيش في رغد الى حين كالحالم الذي لابد يستيقظ يوما ليرى واقعه من حوله ، او ربما رغد الى الابد مع مصادرة الارادة الى الابد ، فالابراج المبنية من قبل الاجنبي والاحتفالات والاسواق المرهونة للخارج ، ومعلوم مايتبع ذلك سياسيا ، ليست كالابراج والاسواق الحقيقية المبنية بسواعد اهلها والتابعة لادارة دولتها .
تضع انت الاموال في البنوك بفوائد عالية لك وعليك ، فيكون اقتصادك ماليا ورقيا وليس انتاجيا مستداما متطورا ، فهذا لايخدمهم. فاقتصادك المرهون يتبعه سياسة مرهونة وقرارات تنفذ دون اعتراض كما نرى “الطائعين” من حولنا اليوم .
القصة ان ال IMF يريد تركيا ان تقترض من جديد بعد ان سددت منذ عام 2003 لحد عام 2013 –بسياسة ذاتية- كل ديونها كواحدة من دول قليلة ، فيريدون ايهام الناس –بالضغط على عملتها كمعاقبة عقيمة قصيرة الامد- انها ستضطر الى العودة الى صندوق النقد تحت ضغط المواطن البسيط الذي لايعي مؤامرات كبيرة كهذه .وتحت ضغط الجهلة في الاقتصاد العالمي من المروجين اعلاميا ، لكن الامور يعرفها اصحابها المصرين على انجازها ، وستمر الازمة ويبقى منها للمواطن ثمارها كما حصل في الازمات المفتعلة السابقة .
فتركيا –والذي لايعرفه العوام – لديها 127 مليار دولار احتياطي مركزي و 600 طن ذهب ،وقد استفز الصندوق واصحابه ان تركيا سحبت 220 طن ذهب من ارصدتها في امريكا ونقلتها لتركيا مؤخرا.
ولاشك ان الانقلاب العسكري السياسي الفاشل يخلف انقلاب اقتصادي فاشل ايضا، وسيعود الجميع للتعامل مع تركيا المتعافية- ان صمدت وعبرت . لكن عند ذاك ستكون تركيا مختلفة واقوى. والحرب بنتائجها.
فالتقدم الهائل الذي حصل في البنى التحتية والطرق والمصانع والجامعات والصحة والسياحة الذي اصبح مزارا لكل مواطني العالم ومستثمريه بضمنهم الاوربيين ،ورفاهية عيش المواطن التركي ومتعته ببلد من افضل بلدان العالم رقيا حياتيا لم يكن مجانا.
بقيت خطوات تتخذها تركيا لمساعدة المواطن البسيط الذي كان اكثر المتاثرين بجشع التجار والمضاربين الذين استغلوا هبوط العملة المحلية لرفع الاسعار بشكل لاداعي له ولاتتناسب مع قوة الاقتصاد الثابت ، حتى مع شراسة حرب المواجهة .
فتركيا التي ربحت التصدير الذي ارتفع بنسبة عالية ومداخيل السياحة التي تضاعفت مع انخفاض ليرتها ، ستربح –بالتخطيط- بقية الجولات القادمة وصولا لعام 2023 “المرعب” والمنشود.
————
ملحوظة : الارقام التخصصية المذكورة مستقاة من مصادرها الاقتصادية (روبن بروكس ،،كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي/ الرقابة الدولية لمعدل النمو)
صفحة 1 من إجمالي 32

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب