يقترب إعصار أزمة مالية جديدة من مصارف “الولايات المتحدة” تحديداً مجموعة “وول ستريت” الممسكة بغالبية إقتصادات دول العالم، قد يجرفها في طريقه، أو يعريها ويقتلع إقتصادات حلفاءها في أوروبا وآسيا وأفريقيا. المنقذ والمخلص الوحيد كالعادة (إيران) عدو- صديق أميركا القديم المتجدد، الذي أنقذ إنهيارها مالياً تحديداً “وول ستريت” عام 1980 بشنها حربها المفتوحة على العراق لـ8 سنوات تعافى خلالها الإقتصاد الأميركي بفعل صادراته العسكرية لطرفي النزاع إيران والعراق.
حرب المالكي على الأنبار ستعطي دفعة (سلف) لإقتصاد أميركا على الحساب لأغراض التعافي، لكونها حرب مفتوحة وطويلة عنوانها تصفية “داعش” مضمونها إيصال “فيلق القدس” إلى حدود المملكتان- الأُردنية والسعودية- والوقوف على كتف الهاشميين والحجازيين. والتفاوض بين الشيطانين الأكبر “أميركا” والأصغر “إيران” على أمن إسرائيل وأمن النفط. وتقاسم النفوذ والمصالح. وصلى الله وبارك. سبقتها حرب المالكي بإيعاز من “الشيطانين” على قرية “الزركَـة” الشيعية المسحوقة في النجف، للتغطية آنذاك على فشل قوات الإحتلال في الأنبار وأيضاً لحرف مسار الإعلام عن غرب العراق مقبرة الأميركان، صوب جيوب مقاومة في الوسط والجنوب تمت إبادتها في ظرف أيام قلائل بالأسلحة المحرمة دولياً لإعطاء إنطباع لدى الرأي العام الأميركي والدولي بتفوق القوات الأميركية وحكومة المالكي في السيطرة على الأوضاع، لأجل الضغط على “الكونغرس” لمضاعفة الإنفاق على تلك القوات.
من واشنطن يرصد تقرير خطير تطورات الأحداث في العراق، مؤكداً أن إدارة “بوش” السابقة لو لم تسعف المالكي في ورطته الأولى قرية (الزركَة) وتواجهه إدارة “أوباما” في مغامرته الثانية محافظة (الأنبار) لكانت صورة العراق والقوات الأميركية قبل وبعد جلاءها منه مختلفة. الأول مسرحاً لحرب لاتنتهي. والثاني تآكُل داخلي في التركيبة والبُنية العسكرية للقوات الغازية.
ويضيف التقرير، لم نتحر إيران في إنقاذ إقتصادنا. أول مرة هي من تبرعت بذلك بإعلانها حرباً طويلة على العراق 1980. ثم منح المالكي بطموحه الجامح في ترويع معارضيه عرباً وعراقيين وتهديد دول الخليج تحديداً السعودية، منح واشنطن فرصة تمرير عملية السلام بأقل الخسائر والأضواء الإعلامية. هو يقاتل ضد الأنبار وكيري يقاتل ضد الفلسطينيين. الأول بالبندقية والثاني بالإتفاقية.
ويكشف التقرير أن حرب المالكي بقيادة إيران ضد الأنبار مغامرة وهبت واشنطن تقويماً للقيادة الإيرانية وردود فعلها، ولما يمكن أن تفعل أو لا تفعل. وكيف تتعامل مع ضغوط مناوئيها داخل وخارج جغرافيتها. ويبدو لواشنطن أن وضع حكومتا بغداد وطهران بعد حرب الإستنفاد هذه سيفرض عليهما أحد حلين: أن تحل الأولى قوتها العسكرية جراء الهزيمة والفرار والإنهيار في الأنبار وتعيدها إلى وضعها الطبيعي. أو تحتفظ بها وتعمل على تغذيتها باللوجست والكراهية. واضح هنا أن جيشاً في بلد كالعراق يتلقى أوامره من إيران سيخرج من جميع حروبه نصف منتصر ونصف مهزوم، ليس جيشاً قابلاً للتعامل مع مرحلة مابعد الحرب دون تطلعات سياسية أو توسعية أو إنقلابية. واشنطن تراقب الوضع بحذر ودقة ولديها معرفة مسبقة بتطلعات طهران والمالكي باتجاه “الكويت” و”السعودية” و”الأُردن” فهو موضوع توسعي ينام ويصحو بحسب الظروف الإقليمية. وأزمة طهران- المالكي حالياً قد تحملهما على تحرك محدود بهدف الإبتزاز.
تجد واشنطن- حسب التقرير- نفسها مستفيدة من مغامرة المالكي على الأرض ضد الأنبار، كونها أعطتها فرصة أكثر لفهم دوافعه، وإشارات خاصة تؤكد أنه ضاق ذرعاً من جيشه الذي ينمو عمودياً ويقترب من الإنهيار بدون حرب خلافاً للبناء الأُفقي. ويرغب في التخلص منه ويخشاه، ومغامرة الأنبار محاولة منه لدفع جيشه إلى إحدى نتيجتين: أخذ الأنبار والوقوف مع الحرس الثوري الإيراني على مشارف الحدود السعودية والأُردنية وبدء الإحتكاك والإبتزاز. ثم النجاح والتحول إلى بطل مذهبي بشروطه القومية. أو التخلص من جيشه عبر الحرب وهزيمة محدودة يظل معها بطل الطائفة السياسي. مهزومها العسكري.