” لقد غاب عن الأذهان, أن الحق ملازم للواجب, وأن الشعب هو الذي يخلق ميثاقه, ونظامه الاجتماعي والسياسي الجديد, عندما يغير ما في نفسه.” مالك بن نبي مفكر جزائري, من رواد النهضة الفكرية الإسلامية.
بالرغم من تجربة الانتخابات لدورات عدة, إلا أن حال البلاد والعباد لم تتحسن, والسبب على ما اتفق عليه الشعب العراقي, هم بعض الساسة إن لم نقل أغلبهم, بوعودهم الكاذبة, والبعيدة عن مهام البرلماني, فهم يتلونون حسب حاجة الشعب للخدمات, مستغلين بذلك الفشل الحكومي.
عند كل دعاية انتخابية, نرى تكالب بعض المرشحين, على المناطق الفقيرة من العشوائيات خصوصاً, كطبق دسم للحصول على الأصوات, ولعدم برنامج واضح المعالم, وليس لأغلبهم الخبرة في سَن القوانين, وتفكيرهم الضيق أن الانتخابات, هي فرصة عمل وثراء, وغاية للحصول على جزء من الكعكة, فهم يعدون بما لا يمت لعملهم البرلماني.
مَلأت الشوارع بوسترات بأحجام متعددة, تحمل صوراً لمرشحين, وهذا الأمر طبيعي عند كل حملة انتخابية؛ إلا أن ما نراه بهذه الدورة, جالب للانتباه حقاً , فقد اعتلت تلك الصور, أبراج الضغط العالي للكهرباء, مع كبر حجمها الذي يوحي, إلى البذخ الواضح, فهل كان السبب بذلك التصرف غير الحضاري؛ خوفاً من التمزيق, أو أنهم يقولون للمواطن العراقي, سنجعلك مرفوع الرأس في هذه الدورة؟ وقد قال أحد المواطنين مستهزئاً “بلهجتنا العراقية” يبين يعرفون العراقيين عدهم ضعف بالنظر.”
يقول أحد الأصدقاء ” خرجت في إحدى الليالي, لعيادة مريض, فشاهدت عجلات تحمل مساند وسلالم, أشبه بتلك المستخدمة في أعمال الصيانة, فتصورت أنهم موظفين حكوميين, مكلفين بواجب الصيانة, فجذبني الفضول لمعرفة حقيقة الأمر, وإذا بإحدى العجلات تقف لترفع السُلم, فوق إحدى البنايات, ليتم نصب صورة مرشح للبرلمان, رأيتُ صوره في الانتخابات السابقة, وشهادته في التلفاز بلقاءات سياسية, ولم استمع يوماً لإنجاز له, أو طرح بسيط في قبة البرلمان.!
لنترك هذا وذاك, ونرى سبب الانتخابات الحالية, والتي أطلق عليها وصف مبكرة, بسبب معروف لدى القاصي والداني, امتعاضٌ جماهيري واسع, لسوء أداء الحكومات المتعاقبة, ولتفشي الفساد, وتفشي البطالة, والتدخلات الإقليمية والدولية, التي جعلت من العراق ألعوبة, بسيادة زائفة أدت إلى, فقدان العراق هيبته حيث لم يتمكن, من قيام دولة, وتبعاً لذلك كان من الواجب, على نشوء برنامج حقيقي يحمل اسم الدولة الوطنية.
عند قرب الانتخابات البرلمانية, شاهدنا تحالفات رفعت شعارات متكررة, ووجوهٌ طرحت بأنها مستقلة, وأحزاب بثوب جديد, ألوانٌ تذكرني بتلون الحرباء, وتغيير لون جلودها, ومهما يكن اللون المكتسب, فإن الجوهر يعود لأصله, ولكن بعض هذه الأحزاب, ستظهر على حقيقتها بعد الانتخابات, عند بيان تحالفاتها.
الانتخابات القادمة في تشرين الأول, انتخابات مفترق الطرق فإما أن يكون العراق دولة, وبذلك يحقق إنجازا يقض مضاجع الفاسدين والفاشلين, أو يبقى قابعا في قوقعة اللادولة, متشبثاً بحكومة توافق تحمي الفاسدين, ما قد يجعل العراق يعيش فوضى حقيقية.
لقد لخص السيد عمار الحكيم, تحالفه الذي أُطلق عليه اسم تحالف قوى الدولة الوطني, بعدة نقاط منها” يمثل القوى المتمسكة بالمواطنة والقانون والدولة” ومن أهدافه” أنه تحالف القوى التي, لا تؤمن بعسكرة المجتمع والدولة, بأجنحة موازية أو منافسة للدولة”
للمواطن أولاً و آخراً الاختيار, وكما قالت المرجعية العليا” كيفما تنتخبوا يُوَلَ عَليكم.”