22 ديسمبر، 2024 8:34 م

حرائق اربيل ، تماس سياسي واقتصادي

حرائق اربيل ، تماس سياسي واقتصادي

 في هذا العالم  ليس بوسع احد ان يكون بمنجى  من الظواهر الطبيعية ، ولاحتى الدول المتفوقة التي تمتلك مركبات فضائية تناطح المجرّات البعيدة في اقصى الكون ، ذلك ان القوى الطبيعية   من نار وماء  وهواء  وصواعق وغير ذلك بقيت عصية على قدرة الانسان في السيطرة عليها مبكرا لاسباب تتعلق بمجهولية لحظةاندلاعها و فيضانه  وهبوبه  وحدوثها .

وفي هذا العالم ، تكاد تشب الحرائق  في بقاع كثيرة  وبشكل يومي تقريبا ، فيما تتعدد اسباب اندلاع نيران الحرائق فمنها التماس الكهربائي ومنها اعقاب السجائر ومنها انفجار اسطوانات الغاز ومنها المدافي النفطية والكهربائية وغير ذلك كثير.

في منطقة الشرق الادنى ، وفي العراق تحديدا ،غالبا ماتختفي وراء الحرائق اسباب مختلفة عن الاسباب المتعارف عليها بين عباد الله ، وفي العراق أوّل ما يقفز الى الذهن وراء كل حادثة حريق هي فكرة الحرب ، فحرائق العراق غالبا ماتدلع وتتسع وتلتهم كل شيء بشراهة وسرعة فائقتين ،وحرائق العراق تمتلك وعيا وخبثا في انتقاء االاماكن التي تشب وتندلع فيها ، ففي حين تشب الحرائق في العالم في محطات الوقود او غابات الامازون تشب الحرائق في العراق في رفوف الملفات المهمة والحساسة والمصيرية المتعلقة بستراتيجيات البلد واقتصاده وامنه وذاكرته ايضا ، ولقد ابلت النار بلاءا لايستهان به في عاصمة العراق ومحافظاته حتى حولت المهم الى رماد وكنست كل  آثار الثعالب والذئاب الكاسرة ، بيد ان هذه الحرائق الذكية شرعت تمد عدواها الى الاقليم الاخضر بعد ان لمع بريقه وصارت الامثال تضرب به في السياحة والجمال والأمن المستتب ، ثم بدأت النيران الخبيثة تمد السنتها من مكان الى مكان ، وبذكاء مشوب بالخبث بدأت النيران تنتقي اماكنها المعدّة سلفا ، في اربيل ،سوق الملابس المستعملة(اللّنگه) ،مرة اخرى واخرى ، سوق الجملة ، مكان آخر في سوق الجملة  (شيخ الله)، مسافة امتار عن سوق المال او الصيرفة العام في اربيل ، والنار الذكية تزحف تدريجيا وتحوم حول هذا السوق طبعا ، والنار الاخيرة اليوم في سوق القلعة في مركز اربيل وهو اهم سوق في عاصمة الاقليم واكثرها عراقة بعد القلعة الشهيرة واكثرها صخبا وهو بديهيا الوجهة الاولى لكل سائح يقصد اقليم كردستان واربيل تحديدا ،ولان هذه النار ذكية وخبيثة فقد تسللت نحو اكثر الاماكن ثراءا واهمية وهو سوق الذهب والملابس الفاخرة .

يمتلك الكرد حسّا ذكيا ولان الكوارث والمحن عجنتهم وخبزتهم طيلة عقود كثيرة فقد اورثتهم خلقا رفيعا وسلوكا قويما وحميدا ، نقول هذا ونحن نتابع ردود افعالهم الهادئة والرصينة تجاه المكائد التي يتعرضون لها من جميع الجهات المحيطة بخارطتهم ، لايهددون ولايشتمون ولايصرحون ، يحملوا مطافئهم ويتجهوا جميعا لاطفاء الحريق ، يعرف السائح والمقيم في الاقليم الاخضر  والمراقب لشؤونه يعرف ايضا ان الحرائق لها اسباب اخرى غير المتعارف عليها في ارض الله ، فالحرائق في اربيل لها اسباب تتعلق بتماس سياسي وامني واقتصادي  ، الكرد يعرفون هذا جيدا لكن سلوكهم الحميد وخلقهم الرفيع  لايسمحان لهم بمماسة اللغو الذي يتقنه ويتفنن فيه خصومهم ،الكرد ومع كل حريق ، اعتادوا وبصمت وهدوء على حمل مطافئهم واطفاء حرائقهم وحرائق الآخرين