18 ديسمبر، 2024 3:59 م

تحوّلت البصرة مسرحاً للعنتريات والوطنيات :
أحداث البصرة المتسارعة دفعت الكثير من القوى الى استغلالها الاستغلال الأمثل لتحقيق مآرب فكرية أو عقائدية أو مصلحية . واختلط الحابلُ بالنابل ، وضاع الخيط والعصفور في أجواء مفعمة بالفوضى العارمة . كما برزت على الساحة الملتهبة احتمالات متعددة ومعادلات صعبة الحلول . ويبدو أن المشهدَ المأساوي يتزايدُ سوءاً واضطراباً ويتجهُ نحوَ الانفجار الشامل الذي لوْ حدث ( لا سامح الله ) لأصبحت الدماء أنهاراً بدل المياه المطلوبة . والعجيبُ في الأمر أن وسائل الاعلام المقروءة والمرئية ابتعدتْ عن التهدئة كثيراً ولجأتْ الى تأجيج الغضب بشتى الطرق من باب كسب ودّ المتظاهرين حتى لوْ كان على حساب هلاكهم وابادتهم ، وبدلاً من احتواء الأزمة عقلانيا والسيطرة على تصرفات بعض الشباب المنفلتين الذين لا يدركون خطورة الموقف ، أخذت بعض القوى – وللأسف الشديد – ترقصُ طرباً وفرحاً بما يحصلُ في هذه المحافظة المنكوبة . بينما وجدت بعض القوى الأخرى الأجواء مناسبة لها لإبراز عضلاتها وفرض وجودها على المشهد وفق طريقة ( العنتريات المفتعلة ) كما وجد البعض الفرصة سانحة لهم للظهور بالمظهر الوطني المحض . وعلى ضوء ما تقدم فان البصرة الحبيبة لمْ تجد لحد الآن اليد البيضاء الشريفة التي تنقذها من الأزمة التي فرضت عليها نتيجة الاهمال الكبير والتدخلات الخارجية الخبيثة . وباعتقادي الشخصي أرى أن أهل البصرة ووجهاءها وعقلاءها يتحملون المسؤولية التاريخية الكبرى لفرز الصالح من الطالح ، ولمنع استغلال وتجيير عواطف الناس لمشاريع أخرى لا علاقة لها بمشاكل البصرة ، وللتصدّي بحزم شديد لكلّ من يعبث بأمن البصرة ويحاول جرها نحو هاوية الدمار . وليس من المعقول أن هذه المدينة العريقة المعطاء التي أنجبت الكثير من الشخصيات العلمية والأدبية والاجتماعية تخلو الآن في هذا الوقت بالذات من ذوي العقول والألباب والحكمة والتصرف الراجح الناجح . وليس من المعقول أيضا أن تقف مدينة المفكرين الأفذاذ ومدينة العلماء والشعراء ومنبع الرياضيين والفنانين عاجزة عن مواجهة الفوضى العارمة . فالمنطق يقول أن أهل البصرة أولى الناس بها وبأمنها وبحفظها ، وانْ سقطت وصارت حطاما ( لا سامح الله ) فلن يرحم التاريخ أهلها الى يوم القيامة .