10 أبريل، 2024 7:41 ص
Search
Close this search box.

حديث مختصر في ديمقراطيتنا

Facebook
Twitter
LinkedIn

إن من غرائب الأمور التي تجري اليوم في العراق انه يقف على ارض رملية ملساء متحركة وصراع متجدد بين أطراف لا تكاد تنجح في إحصاء أعدادها من كتل وقادة سياسيين وأطراف محلية وأخرى إقليمية وجهات دولية تعيش كلها في واد مقابل الوادي الآخر الذي يمثل الشعب العراقي الذي يدعون تمثيله وهذا نتيجة طبيعية لاختلاف المصالح وطموح هذه الأطراف لتحقيق المزيد المغانم وتعبيرا عن فرض الإرادة تحت عنوان جميل يسمونه الديمقراطية التي لا توجد أصلا في العراق الحالي فصراعات هؤلاء الناس تنطلق أصلا للوصول إلى كرسي الحكم الذي يعتبر الوسيلة المثالية لتحقيق وانجاز كل طموحاتهم المشروعة وغير المشروعة متخذين لذلك كل الوسائل التي شرعنها دستور اقر في غفلة من الزمن وأصبح امرأ واقعا وأصبحت الجهات المتنفذة تنتقي من بنوده ما يتناغم مع رؤاها المرحلية للوصول إلى أهدافها على المديين القريب والبعيد .

جريا على ما ورد في ذلك الدستور البغيض جرت مراسيم من المفروض إنها محترمة لإجراء الانتخابات النيابية فرشح من كانت تنطبق عليه مقاسات معينه وضعت لإنتاج طبقة سياسية ثابتة بنمط محدد تحافظ على وجود وجوه لا يمكن تغيرها لا بإرادة الشعب ولا حسب رغبته خلافا لكل الأنظمة التي عرفتها البشرية وهذا نتاج طبيعي لآلية عمل الأحزاب السياسية ونمطية تفكيرنا في عالمنا الذي يصنفوه الثالث وشاء الله أن يفضح بعضهم بعضا بحقائق لا يمكن القبول بها في التزوير طرحها نواب في الدورة البرلمانية المنتهية ولايتها وشرعوا على أثرها إضافات جديدة ولجان على مستوى امني ورسمي تخصصي في أعلى سلطة تنفيذية في البلد في مجلس الوزراء وصرح بها السيد رئيس الوزراء الدكتور حيدر ألعبادي في مؤتمراته الصحفية رافقها إحراق لمخازن مفوضية الانتخابات غير المستقلة وبات الجميع على قناعة كاملة إن نتائج عملية الانتخابات ظهرت على اثر تزوير لإرادة الناخب رغم أنها كانت عملية تجديد بيعة قواعد الأحزاب لقياداتها لان نسبة المشاركة فيها كانت اضعف مما يمكن قبوله ولا يجوز الاعتراف بها كجزء من عملية ديمقراطية صحيحة ناجحة إلا أنها سارت على ما حصلت عليه واتفق الجميع على قبولها كما هي عليه وتأمل الجميع في مفوضية القضاة خيرا لتصحيح الخلل وعلى عكس التوقعات جاءت النتائج مطابقة وها هي اعلي سلطة قضائية في البلد بحسب الدستور تصادق عليها وتعترف بنتائجها وسيصادق عليها السيد رئيس جمهوريتنا طوعا أو كرها وبذلك أغلقت كل المنافذ لتصحيح ما جرى فيها وسيجلس تحت البرلمان المقبل أكثر من مائتي شخصية جديدة مع من أعيد تدوير انتخابه من البرلمان السابق في مقابل شعب يمتد من سفوان على حدود دولة الكويت إلى بغداد منتفض ويتظاهر ويتعرض إلى ما يتعرض إليه وقدم على ذلك الدماء رافض العملية السياسية وما جرى فيها وله مطاليبه التي وضعها لرسم مستقبله دون أن يستمع إليه احد فكيف سيتقبل هذه النتائج وكيف سيثق بها وكيف يتعامل معها وهل يعقل أن نسمي هذه العملية خطوة متقدمة باتجاه الديمقراطية.

وصلنا إلى هذا الحال وستبدأ مشاورات تشكيل الكتلة الأكبر التي حددت السلطة القضائية مواصفاتها في عام 2010 لأسباب سياسية بخطأ قضائي لا تستطيع التراجع عنه والتي ستقع عليها مسئولية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاساتها ووزاراتها وكوادرها المتقدمة ولكن ما معنى جولات ممثل الحكومة الأمريكية بين قيادات الكتل في بغداد وما معنى جولات غيره في هذه المحافظة أو تلك وإذا فاز من فاز في الانتخابات ما هو دورهم في تشكيل الحكومة واختيار رئاساتها وان من يجتمع ومن يتباحث ومن يقرر ومن يختار هم قادة الكتل .

إذا كنا في البداية وهذا حالنا فما الذي سيتغير أثناء عمر الدورة البرلمانية القادمة وإذا كان القرار بيد رئيس الكتلة فما جدوى وجود البرلماني بهذه الامتيازات التي تثقل ميزانية الدولة والشعب بأمس الحاجة إليها ؟

عن أي ديمقراطية نتحدث وان الوجوه نفس الوجوه واليات إدارة الدولة تخضع لنفس القرارات والنظريات التي تديرها نفس الشخصيات وقد تخندقوا حسب الطوائف والقوميات واعدوا مسبقا شروط ومطالب فئوية للمشاركة في أركان الحكومة المقبلة فكيف ندعي إننا نسير وفق نهج ديمقراطي وغدا سنعود إلى منهج التوافق بين الكتل السياسية في إصدار أي تشريع أو محاسبة أي فاسد وما هو دور المواطن ومن يحترم رأيه ويستجيب إلى إرادته وصوته كل يوم يرتفع أكثر منذ قرابة الشهر دون مجيب؟

إذا سارت الأمور على هذه الطريقة الهزيلة والهزلية وجاءت النتائج بناءا على ما تقدم فمن المؤكد إن وليدها لا يرقى لان يكون ممثل حقيقي لإرادة المواطن العراقي بل على العكس فإنها ستلقى معارضة شعبية قوية وسيرتفع سقف المطالب أكثر وسيكون عمر هذه الحكومة اقصر مما رسمت لها أطرافها وستنهار تحت الضغط الداخلي وتدفع إلى تدخل خارجي وسنعود بعدها إلى نقطة البداية ولكن بنتائج ربما أقسى وأكثر سلبية من الأول وقد يصحبها مزيد من الدماء وبآثار أبشع لذلك يتوجب على الجهات المعنية وصاحبة القرار الإسراع بمعالجة الخطأ الذي اقره الدستور في اختيار الكتلة الأكبر وإعادة كتابته وفق ما تمليه المرحلة وواقع المجتمع العراقي يتاح من خلاله التداول السلمي للسلطة بين الأفراد والشخصيات الأكفأ لا بين الأحزاب ويسمح من خلاله لدماء الشباب الصاعد بالمشاركة في قيادة المجتمع بعيدا عن هيمنة الأشخاص أو الأحزاب بغض النظر عن الانتماء القومي أو المذهبي , دستور يسمح بالشفافية ومراقبة إنفاق الدولة ومحاسبة المقصر ويضع حد للتزوير ويمنع سرقة المال العام ويبتر يد السارق لا أن يعفو عنه ليتمتع بما سرق ويعالج المشاكل الاجتماعية بصدق وحينها نكون قد بدأنا أولى الخطوات الصحية نحو الديمقراطية ونضع لبنات حقيقية في أساس بناء بلدنا .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب