قال سيد البلغاء امير المؤمنين, علي بن أبي طالب عليه السلام: رحم الله امرأً أحيا حقاً, وأمات باطلاً ودحض الجور وأقام العدل, بتلك الكلمات المختصرة, حكم ابن الرسول الكريه وأخيه ونفسه, صلوات ربي وسلامه عليهما.
كان عليه السلام يردد دائماً: يا دنيا غري غيري الي تعرضت ام الي تشوقت؟ هيهات هيهات! قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها فعمرك قصير وخطرك حقير آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق ..الامام علي عليه السلام”
بويع علي بن أبي طالب عليه السلام مرغماً, بعد اغتيال عثمان بن عفان سنة 35هجرية, الذي امتازت فترة حكمه, بسوء الإدارة, والسياسة المالية, مع بروز طبقة أرستقراطية, من المقربين للخليفة وحاشيته, مضافاً إليها القمع للحركات الشعبية, فكانت حملاً ثقيلاً على عاتق الإمام علي عليه السلام.
ألقى المسلمون مسؤولية تصحيح المسار, لإعادة الحكم كما يريده الباري عز وجل, عندما لم يجدوا أحداً من الصحابة, يحظى بمقبولية واسعة, غير ابن أبي طالب عليه السلام, حيث يشهد القاصي والداني, بعلمه وتُقاه وقَضائه العادل, فهو عِدلُ القرآن المشهود.
أغاظت البيعة المستفيدين من الحكومات السابقة, فخرجوا عن طاعة الخليفة, وكان منهم معاوية بن أبي سفيان, حيث كان والياً على الشام, وحصل ما حصل في معركة صفين الشهيرة, انتهت بالتحكيم المشؤم, ليتولد تيارٌ آخر هو الخوارج, وهم اناسٌ كانوا يريدون فرض إرادتهم, على صاحب الأمر واستمرار القتال, فخرجوا عن طاعته, وحاربوه لينتصر عليهم في النهروان, ولا ننسى الفتنة الكبرى, التي أنتجت معركة الجمل.
مع كل هذا وذاك, فقد وصف المؤرخون, فترة حكم الإمام علي عليه السلام, بأنها فترة العدل والإنصاف, ليستقر أمر البلاد, بعد كبح جماح الفِتَن, فلم تكلل المؤامرات بالنجاح, إلى ان تم الإتفاق على اغتياله عليه السلام, في أفضل شهر.
امتدت يد الغدر لتهدم أركان الهدى, في التاسع عشر من شهر رمضان, عام 40 هجرية, فقام العُتل الزنيم عبد الشيطان من بني مراد, بفعلته الشنيعة.
فسلام على المولود داخل الكعبة الشريفة, والمستشهد في بيت العبادة المقدس” مسجد الكوفة, ليعود الحكم مخالفاً لدين السماحة والعدالة, إلى يومنا هذا.
لقد حكم بنوا أمية وعاثوا في الأرض فساداً, ليتبعهم بنوا العباس فأوغلوا بجرائمهم, وأذاقوا المسلمين ظنك العيش, فقتلوا ما بقي من الذرية النبوية.
فلا نرى من حكوماتنا من عدل وإنصاف وهي كما قال أمير المؤمنين: “اللئيم اذا قَدِرَ أفحَش وإذا وَعَدَ أخلف” فقد كثرت الوعود, ولم نرى غير الفاحشة.
قال الفخر الرازي :” ومن اتخذ علياً إماماً لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه”.