23 ديسمبر، 2024 2:46 م

وهنا نقصد بالسياسة المصطلح المعروف والمتداول على الساحة العراقية , بعيداً عن مفهومها اللغوي أو تعريفاتها , السياسة التي قسمت المجتمع إلى طوائف وأحزاب وجماعات احدهم لايحب الخير للأخر , والتي غيرت فطرة أبناءه الفطرة السليمة المليئة بالطيبة إلى لغة الكراهية والبغضاء والحقد
الناس في هذا البلد مصابة بحمى السياسة , حيث لايخلوا مكان يوجد فيه مجموعة من الأشخاص إلا وكانت السياسة هي شغلهم الشاغل , واحتدام النقاش بينهم والحوار المتعلق بها , حتى تصل إلى المقاطعة والسب والشتم في بعض الأحيان , أينما تذهب تجد الناس يتحدثون في السياسة والمتغيرات التي تطرأ على الساحة العراقية بصوره خاصة , حيث نجد هذه الحوارات بين الناس في السوق و العمل  والبيت  والباص والمقاهي ….إلى أخره , حتى أصبحنا نستنشقها مع الهواء ! . والأطفال أنهم ليسوا ببعيدين عن حديث الكبار والتأثر بهم هم أيضا يتكلمون بالانتخابات والنتائج , لكل شخص يعيش في هذا البلد التعيس اجتهاداته وآراءه وتحليلاته التي لا يتنازل عنها ابدآ ويعتبرها هي الصواب والآخرين على خطأ . يكثر هذا النوع  من الحوارات في الدول الفقيرة التي أنهكتها الحروب والنزاعات , الدول التي يزداد بها  الأمية ويرتفع بها معدل الجهل لدرجة كبيرة . إن اغلب الحكام العرب الطغاة المتمسكين بالحكم  يستغلون هذا الجهل والتخلف من اجل البقاء في كرسي الحكم اكبر فترة ممكنه , حيث يقوم الحكام والمسؤلون في البلد بأشغال الشعب بقظايا الدين والدفاع عن الوطن والسياسة والطائفية , لذلك تجد الشعوب البائسه في الدول العربية  التي ينتشر فيها التخلف الفكري والثقافي  منشغلين بأشياء تافهة لاناقه لهم فيها ولاجمل , إما الحال في الدول المستقره والتي تنعم بالأمن والازدهار الاقتصادي  والتطور  لاتجد شعوبها تهتم بمثل هذه القضايا والأمور السياسية, ويكون جل اهتمامهم بالسياحة والفن والأدب والاختراعات العلمية التي تخدم الإنسان . وستغل السياسيون في العراق الذين يبحثون عن المناصب والامتيازات نقطة الضعف هذه من اجل إشغال العراقيين في دوامة السياسة حتى ينسى المواطن  العراقي المسكين انعدام الأمن وقلة الخدمات التي يجب إن تتوفر له وهي من أساسيات العيش الكريم .السبب الذي يجعل الناس في البلاد مهتمين بالسياسة وشؤونها  اهتمام كبير جداُ هو الواقع المرير الذي نعيش فيه الآن في ظل الحروب والفساد والطائفية والنفاق اجتماعي , لذا تجدهم يلجئون لها لانهم وجود وا  فيها فسحة من الحرية لتفريغ مشاكلهم النفسية عن طريقها حتى وان كانت على حساب الوطن  والوحده بين أبناءه , من اجل أن ينسى الفرد همومه ومشاكله النفسية وإحزانه المتراكمة منذو سنوات طويلة ,  بالاظافة إلى إن خطباء المنابر الدينية أصحاب الروايات البائسة الخيالية البعيدة عن الواقع العلمي , الخطباء الذين نشاهدهم على شاشات القنوات الفضائية صباحاً ومساءاً طيلة أيام السنة , ومحاضراتهم التنويمية التي حرموا فيها كل شيء يحث أو يساعد العراقيين  على التفكير والإدراك والوعي الاجتماعي , وجعلوا الناس البسطاء  يفكرون في إطار ضيق محدود  . وابتعادنا عن القراءة والاطلاع سبب أخر يضاف إلى أسباب التراجع الذي نعيش فيها الآن .
نريد شعب واعي مُثقف بعيد عن الحقد والطائفية يعرف حقوقه وواجباته ويحترم أراء الآخرين , في ظل دولة يسودها العدل والأمان , من اجل نهضة البلاد وستغلال أمواله الهائلة في بناء البنية التحتية للعلم والثقافة ,  وبناء مجتمع مدني بعيد عن ألعسكره والحروب وله القدرة على التمييز بين الصحيح والفاسد , قائم على سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية  مستقلة عن سيطرة وتأثيرات القوى والأحزاب المتخلفة , والنتيجة هذا المجهود هو تقدم وازدهار نفسي ورقي فكري وإنساني .