23 ديسمبر، 2024 2:26 م

حديثٌ مُكهرِب و مُكهرَب

حديثٌ مُكهرِب و مُكهرَب

لسنا بصدد التكرار الممل القائل : ” اين ذهبتْ المليارات الضخمة التي جرى صرفها لوزارة الكهرباء والتي تعادل ميزانياتٍ لدول ” فهذا الحديث امسى ” اكسبايرد ” ولا احد في الدولة من رئيسها و رئاساتها الأخرى الى مُعمّميها يريد متابعة هذا اللغز .. ولا فائدة ترجى من استعراضِ اسماء وعدد الوزراء ووكلاء الوزارة الذين تناوبوا على عرش وزارة الكهرباء , ومنهم الذي هرب وغيرهِ الذي طَرَب :

إنَّ معظم المواطنين كانوا في لهفةٍ متعطّشة لقراءةِ او للأستماع الى تصريحٍ طالما يتكرر في احايينٍ ما , وفحواهُ انّ وزارة الكهرباء تتّهم وزارة النفط بقطع وايقاف ارسال الوقود اللازم لتشغيل محطاتها , وإذ في اليوم الذي يليه تنفي وزارة النفط ذلك وتعتبرهُ عارياً بالكامل عن الصحة والعافية , فتُكمّمُ وزارةَ الكهرباءِ شفتيها وتتبنى وتلتزم جانب الصمت المطبق , منتظرةً الفرصةَ المدروسة القادمة لتعيد اطلاقَ ذلك التصريح , ثمّ يُعاد النفي ليُدوّي بعده صمت الوزارة الكهربائية , انها عمليةٌ ممنهجة ومبرمجة وغير متبرّجة , وتغدو مُثلّجة كلما ارتفعت درجات الحرارةِ في القطر , وكأنَّ قنابِلاً دُخّانية يجري تفجيرها أمامَ رؤى الشعب العراقي , ليهربَ منْ ادخنتها وينسى المعضلة الكهربائية او ارغامه على نسيانها دون ان يشعر اويستشعر… لاريب ولا شكّ اننا جميعا او معظمنا قد غدونا على قناعةٍ شبهِ مطلقه ” ولربما أقلّ او اكثر ” بأنّ عودة الكهرباء الوطنية كما لبقية البشر في القارّات والدول , هي اقرب الى المُحال في كلا المديين المنظور والمتوسط , وغداْ الشعور السيكولوجي الإستشعاري والأستقرائي يلعبُ دورهُ الفاعل في نظرتنا هذه , ومن الصعبِ تفنيده وتكذيبه بما هو ملموس ومحسوس ومنحوس … إنَّ اقصى وادنى درجات الإيغالِ في التعمّقِ لمحاولةِ استكشاف والتنقيب والتعرّف على اقربِ الأسباب المحتملة الكامنه وراءَ التراجع الماراثوني للكهرباء , فأنها لا تخرج من عباءةِ الأحجيةِ والإبهام الضبابيّ المكثّف إلاّ عِبرَ مَنْفَذَينِ يصعبُ ولا يستحيل ان يكون لهما ثالث – حسبَ وجهة النظر التحليلية للكاتب – , فإمّا أنْ تغدو كارثة الكهرباء التي تُكهربنا نفسيّاً من دون كهرباء ناتجةً عن فجوةِ خللٍ أمنيِّ لا تستشعره وزارة الكهرباء وهو على الأغلب شبيهٌ بأعمال التخريب المتمثّلة بالحرائق المبهمة التي تندلع بين حينٍ وآخر , والتي قد تكون مرتبطة بالجهات الخفية التي تُفجّر العجلات المفخخة والعبوات , وذلك مخططٌ كبير يصعب الوصول الى تفاصيله كاملةً ولعلّه احد الممهدات للتقسيم ولأجتثاث الشعورالوطني و القومي العراقي , وهذه افتراضاتٌ قد تكون اقربَ للواقع , أمّا الأحتمال او المَنْفَذ الآخر فهو ما يتداوله الشارع العراقي غالبا من أنّ اتّفاقاً سريّاً ” مدفوع الثمن ” بين بعض اصحاب المعامل الأهلية التي تستهلك كميات هائلة من الكهرباء وأحد المسؤولين في وزارة الكهرباء ” ولربما اكثر

من مسؤول ” حيث يجري تزويد تلك المعامل بالطاقة الكهربائية مقابل اموالٍ طائلة لهؤلاء , عِبرَ قطعها وتقطيعها على معظم المناطق السكنية وفق برمجةٍ مدروسةٍ بعنايةٍ فائقه , ويضاف لذلك ايضا ما هو متداولٌ وشائعٌ اكثر , عن اتفاقاتٍ خاصة بين اصحاب المولدات في الأحياء السكنية وبين بعض المسؤولين في المحطات الكهربائية الفرعية بغية زيادة ساعات القطع لكي يستمرّ اصحاب المولدات في ديمومة ومضاعفة ارباحهم ” وكلّ شيءٍ بثمن .! ” , وننوّه هنا بعدم امتلاكنا لأيِّ دليلٍ موثّق لهذهنَّ الأفتراضات , ولا نتّهم الوزارة الكهربائية بالتعمّد في ذلك , لكننا نكاد نؤكد على وجود الفجوات فيها كما في معظم وزارات الدولة , وبعكس ذلك فعسى ان يُنظّر لنا المُنظّرون ولربما المُنجّمون في فكِ رموزقضية الكهرباء التي لا تعالجها السنين ولا تُضمّدها المليارات ..

هنالكَ مثالٌ حيٌّ يُرزق وطالما يكرّره العراقيون منذُ قُرابةِ ربع قرنٍ من الزمن , ويكاد لم يبقَ مواطنٌ إلاّ واستشهد به , واعادَ الإستشهاد به كلما ارتفعت درجات الحرارة , هذا المثال يُذكّر ما حدث للكويت اثرَ انسحاب الجيش العراقي جرّاء قصف قوات التحالف , حيث انقطعت الكهرباء بالكامل عن دولة الكويت , وما أن اُعلنَ عن وقف اطلاق النار حتى استقدمت الولايات المتحدة سفينةً خاصة هي بمجملها ” مولدة كهرباء ” وتمّ تزويد الكويت بأكملها بالطاقة الكهربائية الى ان تمّ اصلاح وتجديد منظومتها الكهربائية , واستكمالاً لهذا المثال فطالما تُردّد الناس بما معناه : ” وهل استعصى على امريكا ان تزوّد العراق بمثل تلك السفينة .!؟ ” , وليبقى سرّ الكهرباء الوطنية كما لغزٍ مُحيّر طوال السنوات التي مرّت والى سنينٍ قادمات حسبما يبدو… ثمَّ , اذا ما استبعدنا هذه الحتمالات والأفتراضات ” كما اعلاه ” فسيبقى الخلل الأداري والفنّي هو الوحيد الذي يجتاح وزارة الكهرباء والذي لا أمل بالشفاء منه , وهو خللٌ مزمن وظلَّ وما فتئَ وما برِحَ يستشري ويستفحل طوال هذه السنين , فأيّ عقلٍ هذا وأيّ منطقٍ ذلك حين تغدو الكهرباء الوطنية أسوأ مما كانت عليه قبل 9 4 2003 .!؟ . ثمَّ ايضا , لأنّ العراق امسى بلد الغرائب والعجائب , وبلد اللامعقول , فلماذا لا نفكر بتأجير > وليس بيع < وزارة الكهرباء الى دولةٍ متطوّرة اخرى كألمانيا واليابان ” مثلاً ” لتدير لنا هذه الوزارة بعقلها قبل ان يكون بتقنيّاتها , ولكن بشرطٍ واحد : – هوان يكون ملاك الوزارة بأجمعه من مواطني تلك الدولة المفترضة المستأجرة , وابتداءً من الوزير وانتهاءٍ بموظّف الصادرة والواردة ..!!!