قبلَ ان يطِلّونَ الوزراء والأمراء بإطلالتهم البهيّه ” في الكابينة الجديدة ” , وسواءً كانوا من القدامى او الجُدد , وقبلَ ان يفترشونَ مكاتبهم ومقرّاتهم الوثيرة , > حيثُ جرت العادة وفَرضتْ اعرافُ وتقاليدُ ديمقراطية العراق الجديدة , منذُ اوّلِ وزارةٍ جرى تشكيلها بعد غزوِ البلدِ بالغزاة الأفرنج , فأنّ بعض او العديد من الوزراء اختاروا ان تكون مقرّات مكاتبهم خارج مبنى وزارتهم .! وهذه سابقةٌ لمْ تسبقها سابقة في تأريخ الدولة العراقية , كما أنّ بعض الوزراء السابقين ” ومعظمهم سيضحوا ويمسوا من اللاحقين ”
اعتادوا ولربما ادمنوا ان لا يواظبوا على على الحضورِ الى وزاراتهم بنحوٍ يوميّ , فضلاً عن عدم الإلتزام بعددِ ساعات الدوام الرسمي والتي ربّما تكونُ موضع تندّرٍ لهم < .. ثمَّ , ومع كلّ فشلٍ كان يتلو فشلاً في كافة الوزارات اللائي تشكّلنَ بعد الأحتلال ومع كلّ هؤلاء الوزراء ” ولنقل معظمهم تجنّباً لصفة التعميم ” , رغم تمنياتنا المخلصة أن يرشدنا ويدلّنا أحدٌ ما لأيِّ نجاحٍ قد تحقّقْ في ايةِ وزارةٍ ما , لكنّ كلّ ذلك لمْ يعد يشكّل اولويّةً في اهتمامات المتأمّل في الجانب الأداري او الحكومي , إنمّا ما يدفع بأتجاهِ التعمّق في التفكّر والتأمّلات الطويلة هو : كيفَ لأيٍّ من الوزراء الذي لمْ يسبق له بتاتاً العمل في وزارات ودوائر الدولة ” ولا حتى كاتب صادرة او واردة .! ” أنْ يديرَ وزارته .؟ وكيف سينعكس افتقاده للخبرة الأدارية والقيادية والتخصصية على ادائه الوزاري .؟ , فالدراسةُ الجامعية الأولية او العليا شيء , والتدرّج الأداري والمؤسساتي شيءٌ آخر بالكاملِ والمطلق , كما اذا ما رافق ذلك ” وهو ما كان جارياً فعلياً ” أن يقوم أيّ وزيرٍ ما بتعيين المدراء العامّين لوزارته وفق ما ينتمون اليه سياسيا او طائفيا او وفق المحسوبيةِ والمنسوبية , فستبقى وزاراتنا تعاني من مرضٍ عضال , وهذا المرضُ سوف يستشري ويستفحل ثمّ ينتشر في الهيكل الأداري لمثل هذه الوزارة ويتنقّل بحريّةٍ في المؤسسات والدوائر التابعة للوزارة ” دونما مرورٍ او إيقافٍ في السيطرات ” . وبهذا الصدد فيحزُّ في نفسِ كلّ مواطنٍ حين يسمع ويشاهد امثال هؤلاء الوزراء يحضرون مؤتمراتٍ دولية او عربية ويلتقون بنظرائهم من تلك الدول , فماذا وبماذا سيتحدّثون هؤلاء الوزراء … ! ؟