15 نوفمبر، 2024 9:29 ص
Search
Close this search box.

حديث ٌ مفسد !

إنّه حديثٌ مفسد , لكنه من الجانب الإيجابي ! , فهو مفسد للفساد لمحاولة إيقافه عند حدّه وتعطيل مفعوله , لكن ليس لوأده على الأطلاق .!

وإذ أدوّن هذه الكلمات , وردني تواً خبرٌ يتعلق بهذا الشأن , واظنه جاء في الوقت المناسب . إذ يفيد الخبر أنّ المحققين الدوليين لمكافحة الفساد الذين وصلوا الى القطر منذ ايامٍ قلائل , يتحركون الآن ويتجولون بمركباتٍ مصفحة وترافقهم عجلاتٌ من المرافقين و الحمايات التابعة الى شركاتٍ أمنيّة .

مجيئ هؤلاء السادة يأتي ضمن اطار الخطة التي تبنتها الحكومة بشأن فتح ملفات الفساد واجراء التحقيقات الدقيقة فيها . ومن ضمن تفاصيل هذا الخبر , فأنّ الخبراء المذكورين قد باشروا اعمالهم من دون تنسيقٍ مع هيئة النزاهة او القضاء العراقي .! وهو أمر مثير للأستغراب , إذ كيف كي بمقدور فريق الخبراء إكمال اعمالهم من دون الحصول على ملفات ومعلومات ومساعدة من الجهات العراقية المختصة .! , وقد اعرب أحد اعضاء لجنة النزاهة عن دهشته لذلك بالفعل .

ولا ريب أنّ فريق الخبراء على دراية مسبقة لما تتطلّبه مهماته , ولا شكّ أنه سيتصل بالجانب العراقي في وقتٍ ما , وهم يعتمدون حالياً على ملفاتٍ كومبيوترية ومصرفية ” خارجية ” جلبوها معهم , ولا بدّ أنهم مزودون بمعلوماتٍ خاصة من مصادر متعددة ولربما بعضها من اجهزة مخابرات دولية .

إطلاقاً لا نرى نهايةً للفساد في الأفق القريب والبعيد مهما طالت مهمة الخبراء ومهما ازدادت اعدادهم , فبيئة الفساد المالي في العراق خصبة للغاية ومثمرة , فأيّ فسادٍ مالي واداري في العالم يعتمد على ادوات وآليات ثابتة إنْ لم نقل راسخة ومتجذّرة , وهل بوسع الفساد في العراق أن يمشي ” بحُرية ” على قدميه بدون وجود مدراء عامين ” على الأقل ” في وزارات ومؤسسات الدولة , وبغضّ النظر على انتماءاتهم الحزبية .! , فكيف تغدو حالة الفساد بوجود مدراء عامين منذ زمن ” بول بريمر ” والعديد منهم قد جرى تعيينهم بأوامر مباشرة منه , ولا يزالون لغاية الآن يمارسون اعمالهم .! , ومن دون استخدام صيغة التعميم على آلاف المدراء العامين واتهامهم جميعا بممارسة أسوأ انواع الفساد , فهل هذه المناصب تتمتع بحصانة حزبية او سياسية ! كي تبقى غالبيتهم العظمى في مناصبهم طوال هذه السنين .! , وهل لفسادٍ أن يُفسد ويُعشعش في ايٍّ من دوائر الدولة من دون وجود مدراء عامين .! , وإذ ” عمداً ” التركيز هنا على المدراء العامين , دونما الإشارة المباشرة ! الى الوزراء ووكلاء الوزارات , فضلاً عن رؤساء هيئاتٍ مستقلةٍ عليا , ودونما تطرّقٍ ايضا الى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية , ولا نود القاء الأتهامات على الآخرين جزافاً وخصوصاً في ” شهر رمضان المبارك .! ” .

إنّ ما يتطلّبه الوطن العراقي ” وهذا سوف لن يحصل ! ” هو ليس كشف وفضح المسؤولين الذين مارسوا الفساد واختلسوا ما اختلسوا بطرقٍ ذكيّة قد يغدو محالٌ كشفها على الخبراء الدوليين المتخصصين بهذا الشأن , لكنّ المطلوب ” شفهياً ! ” ايجاد سبل الوقاية وليس فقط العلاج النسبي المفترض من هذه الآفة البشرية – السياسية التي تنخر في هيكل وجسد الدولة والمجتمع .

تقديراتنا في الإعلام , أن يجري الكشف عن عددٍ ضئيلٍ ما لبعضٍ ضئيلٍ لمسؤولين سياسيين تورطوا بالفساد المالي مّما غدت جرائهم المالية تزكم الأنوف وممّن تحول حولهم الشبهات في الشارع العراقي , لكننا لا نتوقع أن تبلغ مستوى VIP .

أحدث المقالات

أحدث المقالات