23 ديسمبر، 2024 6:00 ص

حديثٌ مدبلج عربي – عربي !

حديثٌ مدبلج عربي – عربي !

في التطرّق في الحديث عن دبلجة المسلسلات والأفلام الأجنبية في مجتمعنا او في بعض المجتمعات العربية , فقد تقفز الى الذهن المسلسلات التركية والتي سبقتها من مسلسلاتٍ مكسيكية , حيث كانت دبلجتها فيما مضى بالعربية الفصحى ثمّ جرى ” تطويرها وتحديثها ” الى بعض اللهجات العربية وخصوصاً الى اللهجة السورية وثم اللبنانية . ولا ريب أنّ لكلٍّ من التركية والمكسيكية جمهورها العربي الخاص ومتابعيها رغم أنّ اعداد حلقات بعضها تناهز مئة حلقة , ومن الطبيعي أن يغدو بالمقابل جمهورٌ آخر لا يتقبّل هذا النوع من الدبلجة سواءً باللهجة العامية او الفصحى , حيث يعتبر أنّ أيّ مسلسلٍ تمثيليّ إنْ لم يكن بلغته الأصلية فكأنه يفتقد الحرارة والدينامية والتأثيرات والتفاعلات النفسية المنعكسة على المتلقي او المشاهد , ولا شكّ بوجود جمهورٍ ثانٍ او ثالثٍ لا ينسجم إلاّ مع المسلسلات العربية سواءً كانت المصرية او السورية , وكذلك المسلسلات اللبنانية – السورية المشتركة , بجانب مسلسلاتٍ خليجية وعراقية لآخرين , ولعلّ الجمهور الأوسع او الأقلّ قليلاً من هذه السعة هو جمهور السوشيال ميديا الذين لا يتابعون ولا يكترثون لأيٍّ من كافة تلكم المسلسلات .. إنّما ما يثير الأستغراب وقد يفجّر عناصر الدهشة هو لماذا لا يقوم المشرفون على الدبلجة واصحابها ومدرائها بدبلجة مسلسلاتٍ ايطالية او فرنسية او سواها وهي الأكثر كفاءةٍ درامية من نواحٍ ترتبط بالأخراج والتمثيل والأنتاج وسواها , كما أنّ لها شهرةً عالمية تفوق الإنتاجين التركي والمكسيكي ودبلجتهما .!

ما دعاني الى هذا الحديث والى هذه الإطالة غير المبررة , حيث في ظهيرة هذا اليوم , وبعد الأنتهاء من ندوة حوارية – أدبية في اتحاد الأدباء والكتّاب , جلستُ مع بعض الزميلات والزملاء ” بعددٍ قليل ” الى احدى الطاولات نتبادل اطراف الحديث نخب فناجين القهوة ومسمياتها في اللهجة المصرية وبعض الأقطار العربية , ولا ادري ولا اتذكّر كيف انجرّ الحديث نحو احداث احدث مسلسلٍ تركيٍ لم اسمع به وسواه اصلاً , كما لا ادري كيف انبثقت منّي تلقائياً وحتى ” اوتوماتيكياً ! ” بأنّ الأولوية ينبغي أن تكون في دبلجة مسلسلات دول المغرب العربي ” الجزائر والمغرب وتونس ” التي تتمتّع اصلاً بلهجةٍ شعبية غير مفهومة في اقطار المشرق العربي وحتى في مصر والسودان , والتي يصعب على المشاهد العربي في فهم مفرداتها في مجالات الإعلام والفن والسياحة وحتى في تبادل الحديث المباشر مع مواطني تلك الأقطار الشقيقة , كما أنّ ليبيا ليست بمعزلٍ عن ذلك , أمّا موريتانيا الدولة العربية الأصيلة فلا تمتلك موقعاً متقدماً في الفن خارج حدودها الأقليمية , والأمر مسحوب كذلك نسبياً على السودان , وأنّ الصومال ليست في الحسبان .! , ثمّ ومع تقديرنا لشعبي جيبوتي وجزر القمر واللذينِ تهيمن الفرنسية على لغتهما العربية , فكأنهما ايضاً الأبعد عن العروبة والأنتماء القومي من زاوية ضيقةٍ وخاصة!  

بعيداً جداً جداً عن الفنّ والتفنّن والدبلجة , فأنّ جزيئاً من سببٍ واحدٍ من مجموع ترليون سببٍ وسببٍ في عدم قيام وتشكيل ” الوحدة العربية ” هو عدم استكمال متطلباتها اللغوية ذات الأنعكاسات النفسية والأجتماعية على الأقل .! , بالرغم من توقفّ الإعلام العربي حتى للإشارة للوحدة العربية كمصلح منذ رحيل الزعيم جمال عبد الناصر , وتدشين الرئيس السابق انور السادات لمرحلة التطبيع والتمييع .!