23 ديسمبر، 2024 2:43 م

حديثٌ طريفٌ عن “السيطرات” …!

حديثٌ طريفٌ عن “السيطرات” …!

لعلّي اغدو اوّلَ امرءٍ , ولربّما آخر امرءٍ ايضاً يكتبُ بطرافة عن ” السيطرات ” ودون ان يعني ذلك انّ انّ طرافةً ما تقدّمها هذه السيطرات اللائي تتحكّم ” عن    بُعد وعن كثب ” بالأعصابِ والأحاسيس , وتصيبها بالتوتَر الحاد اينما وحيثما  كانت الناس : الطريف ” سلبا ” والغريب بأشدّ درجات الغرابة أنّ اعداداً من ” السيطرات ” المنتشره في بغداد تحمل على جوانبها وعلى سقوفها دعايةً تجاريةً لسجائر ” غلواز ” وسجائر ” جيتان ” الفرنسية .! , وهنا لابدّ ان تنتاب المرء مسحةٌ من الحيرة عمّا وراء ذلك .! واظنُّ > وبعضُ الظنَّ ليسَ إثماً ايضاً < لو انّ صحفيّاً اجنبيا – غامر بحياته وزار العراق في ايام التفجيرات هذه – ورأى هذه الدعاية التجارية للسجائر الفرنسية منصوبةً وبشكلٍ بارز على نقاط السيطرة ” كلاهما العائدة للجيش وللشرطة ” فلربما خطرَ في باله كأقرب تحليلٍ وتفسير لذلك , هو انّ غزلاً عسكرياً ” ربما تقوم به وزارة الدفاع العراقية مع القوات المسلحة الفرنسية .!” قد يكون وراءه ترغيباتٌ معيّنه لشراء وعقد صفقة اسلحة فرنسية ! , ولربما ايضا تُخالجُ الصحفي المفترض تصوّراتٌ ما بأنّ الحكومة العراقية تقومُ بإغاظة الأمريكان والروس في محاولةٍ لزرعِ ظنونٍ عندهم لإقتناء السلاح من فرنسا هذه المرّة , عسى ان تقوم هاتين الدولتين العظمتين بتخفيض اسعار اسلحتها للعراق او الإسراع في توريدها ” وكلّ ذلك يدخل من احدى البوّابات الخلفية لفنّ الإعلام العراقي  ” . وبرغم أنّ هذه الأفتراضات ليست سوى ضربٌ بعنف لأسداسٍ بأخماس , لكني اجزم انَ ذلك لا يُصار وليس هنالك من إرتقاءٍ لهذا المستوى من التفكير .. المعنى الوحيد لِ ” الغلواز و الجيتان ” الموضوعة والمنصوبة على نقاط التفتيش هو جهلٌ مُدقع , وهو غير لائقٍ بمؤسسةٍ عسكرية  لأن تجعل من ” سيطراتها ” لوحة اعلاناتٍ لسجائرٍ من صنع دولةٍ اجنبيةٍ واحده فقط .! كما انّ لو كان لابدّ من ذلك فعلى الأقل ان تكون ترويجاً لمنتوجٍ وطنيٍ مفيدٍ وغير ضار بالصحّه … ويا سادتي إنّ الحديثَ الطريف – المثير للسخرية والتندّر – عن ” السيطرات ” لا يقتصر على ما وردَ في اعلاه فالآتي اعظم .!!! إذ في جانب الكرخ من بغداد , وقرب تقاطع شارع المأمون المتّصل بشارع  14   رمضان ’ هنالك ” سيطرة ” مكتوبٌ عليها ” سيطرة البكر ” , وهذه التسمية جاءت اصلاً لوجود نصب او تمثال لأول رئيس جمهورية – احمد حسن البكر – بعد عام    1968   حين جاء حزب البعث للسلطة , وقد بقي هذا النصب في مكانه الى ما بعد الإحتلال وبعد تشكيل اوّل حكومة عراقية آنذاك ولعدّة شهور حتى جرى رفع التمثال من مكانه او هدمه , ولكن ماذا يمكن استنتاجه من عدم انتباه الحكومة العراقية ووزارة دفاعها  في تسمية هذه السيطرة بهذا الأسم .؟! والى ذلك , وعطفا على ذلك ايضا , والحديث ذو صلةٍ بهذه النقطةِ بالذات , فقد ذكرنا في الأسطر القليلة الماضية أنّ ” سيطرة البكر ” تقع قرب تقاطع شارع المأمون  مع شارع  14  رمضان ” , إنّما ولكنّما عبارة ”  14 رمضان   ” تعني التسمية المرادفه والموازية لأنقلاب ”  8 شباط  1963  ” لحزب البعث والتي يكون تزامنها في التأريخ الهجري مع الثامن من شباط , لكنّ السادة الساده والقادة الذين تعاقبوا على الحكم عبر ثلاثِ حكوماتٍ بعد الإحتلال لمْ يدرك ايٌّ منهم ولمْ ينتبه لذلك حتى اليوم , وما اشارتنا لكلّ هذا إلا ليتّضح جليّاً كم انّ رجالات الحكم في العراق ” والذين عاشوا في ايران واوربا لنحو ربعِ قرنٍ من الزمن او اكثر ” , كم يفتقد هؤلاء ايَّ دراية بشؤون العراق , ولا ادري كيف يحكمون العراق , ولعلّ ما يشهده العراق الآن هو الإجابة الشافية والصافية لكلّ ذلك …
[email protected]