23 ديسمبر، 2024 12:32 ص

تجنّباً لأيّ خلطٍ افتراضيٍّ مهما كان ضئيلاً او اكثر ” من نواحٍ لغويةٍ او صوتيةٍ افتراضية ” , فنختصرُ القولَ بالقولِ : < شتّانَ ما بين مدينة رفح الفلسطينية الصامدة والتي تتبادل مصر واسرائيل فتح المعابر معها او اليها , وبين معسكر او مخيم رفحاء السعودي الذي استضاف الهاربين واللاجئين من العراق خلال حرب عام 1991 , وحديثنا هنا يتمحور عن المعسكر السعودي فقط .

على مدى الأسابيع القليلة الماضية وما سبقها ايضاً , لابدّ أنّ شرائحاً كبيرة او كثيرة شاهدت وإطّلعت على الحملة الأعلامية المتنشرة في وسائل التواصل الأجتماعي , والتي عبرها تطالب نخب ٌ سياسية وثقافية واجتماعية بألغاء صرف الرواتب التقاعدية للاجئي مخيم الرفحاء والتي جرى تخصيصها بدهاءٍ وسخاء مسرفين ومفرطين لهؤلاء ولزوجاتهم ” مهما بلغ عددهنّ واطفالهنّ ” ومتى ما كان تأريخ ولادة او سنة ولادة اولئك الأطفال .! , ولم يكن زخم الأحداث والأخبار ليتيح لي فرصةً للتعرّض الى هذا الموضوع الذي يستزف ما يستنزف من ميزانية الدولة , وما يعكسه ذلك من قطع وحرمان قطاعاتٍ واسعة من الجمهور من احتياجاتهم الحياتية والضرورية , لكنّ الفيديو التوثيقي الذي انتشر بكثافةٍ في السوشيال ميديا خلال اليومين الماضيين والذي كان تسجيلاً مصوراً لتظاهرة من مجاميع لاجئي معسكر الرفحاء الذين استقروا في امريكا منذ نحو ربع قرنٍ من الزمن وهم يتظاهرون برئاسة او بقيادة رجل دين عراقي ضدّ المتظاهرين والتظاهرات المندلعة في محافظات العراق , قد اثارني واستفزني للكتابة بهذا الشأن : –

ففي عمليةِ تفكيكٍ ” مفككة ومتفسّخة اصلاً ” والتي ربما انخدع بها البعض ” سذاجةً ” عن التعويضات المالية المليونية والرواتب التقاعدية لمن التجأوا الى ” رفحاء ” في أمّ حرب سنة 1991 ,

فأنّ الثوابت الوطنية لدى كل شعوب العالم تفرض أن تقوم مجاميع المعارضة السياسية ” لأيّ بلدٍ ” بتجميد انشطتها السياسية حين يتعرّض او يخوض ذلك البلد حالة حرب كبرى كما حدث عام 1991 ” وسواءً قام الهاربون واللاجئون العراقيون بذلك التجميد او لا , فأنّ التجاءهم وذهابهم الى اراضي السعودية التي جيّشت جيوش العالم على العراق لم يكن مقبولاً لدى عموم الشعب العراقي ” مهما كانت الملاحظات على نظام الحكم السابق ” , ثمّ أنّ السعودية دولة مكروهة لدى كلّ الأحزاب الشيعية العراقية وتحت اي حسابات , ومهما تغيرت سياساتها وتبدلت حكوماتها , ومع كلّ اللتي واللتيا فقد استقبلت القوات السعودية اللاجئين العراقيين بحرارة وهيّأت معسكر الرفحاء الكبير لأقامتهم ووفّرت لهم كلّ مستلزمات الضيافة وخصصت لهم رواتب مجزية , وقد نشرت صور في حينها للأمير الفريق الركن خالد بن سلطان ” قائد القوات العربية ” ضمن قيادة الجنرال شوارتسكوف في التحالف الدولي , وهو يجلس الأرض مع السادة اللاجئين العراقيين ويتبادل اطراف الحديث معهم , والى ذلك ايضاً فقدت وفّرت القوات الأمريكية المتمركزة في السعودية كلّ المساعدات اللوجستية والأدوية والأمور الأخرى لهم , ومن الرفحاء وبعد فترةٍ محدودة من مكوث اللاجئين هيّأ الجانبان الأمريكي والسعودي متطلبات انتقال الكثير من اولئك العراقيين وطلب لجوءهم الى دولٍ اخرى بناءً على رغباتهم , وانتقل البعض منهم الى امريكا وايران ودول اوربية اخرى وعاودوا حياتهم الطبيعية , علماً أن ليس كلّ اولئك اللاجئين من المنضمين لأحزاب المعارضة .

السؤال الذي بات يتكرر هذه الأيام وعلى مستوى وسائل الإعلام , هو ما الذي قدّموه هؤلاء الى الشعب العراقي ” خلال بقائهم لشهور في الرفحاء ” كي يجري صرف رواتب تقاعدية لهم وبعد ربع قرنٍ من الزمن , وبمبالغ لا يتقاضاها اي موظف متقاعد امضى اربعون سنةٍ في الخدمة الوظيفية .! , وما مبررات ومسوغات وضرورات صرف هذه التخصيصات المالية .! , وفي مداخلات الفرار الى رفحاء في تلك الحرب , فقد كان بمقدور عشرات الآلاف المؤلفة من الجنود والضباط العراقيين المنسحبين من الكويت في حينها وتنهال على رؤوسهم اطنان قذائف وصواريخ طائرات السعودية ودول خليجية مصطفّةً مع القاذفات والمقاتلات الغربية أن يفعلوا ما فعلوه اولئك اللاجئين , ولم يفعلوها .!

هل قرار صرف الرواتب التقاعدية لهؤلاء قد تمّ بموافقة القضاء العراقي او من مجلس نواب .؟ او بقرارٍ انفرادي من رئيس وزراءٍ سابق .! او حتى جهةٍ اخرى ؟ , كما لماذا وضع المطبات والمعضلات والحواجز الأسمنتية أمام الغاء هذا القرار الضّار .!