23 ديسمبر، 2024 7:38 ص

حديثٌ خاص عن التظاهرات .. نِقاطٌ للتوقّف !

حديثٌ خاص عن التظاهرات .. نِقاطٌ للتوقّف !

قد يمسى من السابقِ لأوانه التحدّث او الكتابة عن تظاهرات الأمس , سيّما وحسب بعض المصادر الإعلامية بأنّ التظاهرات قد انتقلت الى ” المرحلة الليلية ! ” ونشكّ بحجم ذلك على الأقل .

التظاهرات كان قد جرى الإعلان عنها منذ ايامٍ خلت , وسبقتها بأيامٍ قلاقلٍ اعتصاماتٌ واضرابات تتوّجت بأعتصام حَمَلة الشهادات العليا الذين جرى رشّهم وزخّهم بالماء الساخن ” ولا ندري اذا ما كان بدرجة الغليان ! ” , ولماذا لم يوصي رئيس الوزراء بأستخدام المياه الباردة .! , المهمّ في كلّ ذلك أنّ حكومة او كابينة عبد المهدي لم تصل الى مرحلة الإدراك الحسّي عن مدى درجة الغليان الجماهيري , ولم يكن صعباً على رئيس الوزراء أن يطلب من تنسيقيات التظاهرات ” عبر الإعلام ” لتأجيلها لشهرٍ او شهرين , ليتيح لنفسه القيام بأصلاحاتٍ جزئية ” ولا نقول رمزية ” من خلال الأعلان عن تعيين نسبةٍ معقولة من العاطلين عن العمل في القوات المسلحة وتفرعاتها ,وفي دوائر ومؤسسات الدولة الأخرى , وكان بمقدور عبد المهدي القيام بزياراتٍ ” إعلامية ” للسجون المكتظة والمزدحمة بالمعتقلين – فوق طاقاتها الأستيعابية – ويطالب بتحسين اوضاعها .! , وكان بوسعه ايضاً الأعلان عن فتح النوادي والأمكنة الترفيهية وبما تقدّمه لروّادها ! , وليس استجابةً لشرائحٍ اجتماعيةٍ كبيرة , وانما للحدّ من الأنتشار المفرط للمخدرات والتي تقف وراءها جهاتٌ نافذة .

والى ذلك , فَلَمْ تجرِ الإستفادة مطلقاً من تجارب التعامل والتعاطي الحكومي مع التظاهرات السابقة , فالتعامل مع المحتجّين والمتظاهرين من قِبل الأجهزة الأمنيّة ليس بأستخدام العنف المفرط , وانما عبر قيادة أمنيّة – سياسية تتمتّع بالذكاء السوسيولوجي على الأقل .

  من الملاحظات الأخريات أنّ تظاهراتٍ أخريات تفجّرت وانطلقت في محافظاتٍ شيعية وليست سنيّة < مع الإعتذار عن التعبير وبنبذ الطائفية > لكنها حكومة واحزاب الأسلام السياسي هي التي ابتكرت لنا ذلك , وقد إتّسع نطاق تلك التظاهرات بأن شمل كلّ المحافظات الجنوبية .

واضحٌ ومن شديد الوضوح أنّ رئيس الوزراء ” ولربما عن عمدٍ ” لم يصدر اوامراً وتعليماتٍ مشددة الى الأجهزة الأمنيّة بعدم استخدام الرصاص الحي ضدّ المتظاهرين , وإلاّ فالأعداد الهائلة من الجرحى لم تكن جرّاء إطلاقاتٍ صوتيّة !

وهذا ما يحاسب عليه القانون < وكانت تلك من اهم الأعتبارات التي اعتمدتها وزارة الداخلية المصرية ” في زمن الرئيس حسني مبارك ” في التعاطي السلمي مع التظاهرات التي اسقطته > , وهل بمقدور السيد عبد المهدي تسويغ ذلك .؟!

انتشر يوم امس تسجيلٌ صوتيٌ مصور في السوشيال ميديا للسيد قيس الخزعلي – رئيس تنظيم عصائب أهل الحق – ذكر فيه أنّ شهر تشرين 2 سيشهد عبر الإعلام والتظاهرات , توجّهاتٍ لتغيير حكومة عبد المهدي , ولا ريب أنّ لهذا التصريح دلالات خاصة ولها وزنها الخاص , ولا ريب ايضاً أنّ رئيس الوزراء ربما يكون اوّل مَن إطّلعَ وشاهد هذا الفيديو , فأمامَ وذلك وجرّاء موجات الغضب الجماهيري التي تعمّ ارجاء العراق ” والصامتةُ منها الآن قد تغدو اشدّ من المدويّة اصواتهم في الميدان ” , فمن المستغرب عدم لجوء عبد المهدي الى الإستقالة العجلى وحفظ ماء وجهه , ومنْ ثَمَّ العودة الى طهران وباريس .!

  سنةٌ وبضعة ايّام مرّتْ منذ استلام او تسليم السلطة لرئيس الوزراء السيد عادل الذي لم يكن عادلاً وفق كلّ المقاييس والمعايير , ومن خلال رصد السلوك السياسي له طوال هذه السنة , فأنّ اهم واكثر ما يتسلط من اضواء الإعلام في مسيرته هذه , هو الأنهماك والإنشغال في بذل محاولاتٍ ووساطاتٍ لتخفيف الضغوط على الجارة الشرقية للعراق , ودونما اكتراثٍ كافٍ للفوران الشعبي في عموم مدن العراق وتفاصيله المنتشرة الى حدّ الجزيئيات الخدمية .!

  وبهذه الإطالة المُمّلة التي نختزل فيها مجريات احداث التظاهرات الى الحدّ الأدنى , ونواكب فيها تدوين الكلمات حسبَ ورود الأخبار لحظةً بلحظةٍ ” ونضطرُّ فيها أن نحذف ونضيف ! ” فليقدّم لنا عبد المهدي تفسيراً فقهياً او فقهياً – سياسياً , لماذا يجري الآن < قرابة منتصف ليلة الثلاثاء \ الأربعاء > مطاردة المتظاهرين بالطُرُقات والأزقّة والشوارع الفرعية , الذين هربوا وانهوا تظاهراتهم في ساحة التحرير .! , وهل بذلك سنتهي الأحتجاجات .! وإلامَ لم يحضر رئيس الوزراء الى ساحة التحرير بعدما خلت وغدت مفتوحةً بالكامل للسلطة , وأسوةً بحضور وزير الداخلية وقائد الشرطة الأتحادية بكلّ أمان .!؟

  في يوم 28 \ 9 كتبنا في إحدى ” البوستات ” وفي تغريدةٍ في تويتر ايضاً , أنّ عبد المهدي لم يحسبها ولم يلعبها جيدا في تجميد ومعاقبة فريق ركن عبد الوهاب الساعدي , قبل ثلاثة أيام من انطلاق التظاهرات المعلن عنها مسبقا , مما اضاف لها زخماً آخراً .!